السؤال
جزاكم الله خيرًا على كل مجهود تقومون به, وسؤالي هو: قال المعصوم صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يستجيب لمن أكل مالًا حرامًا" فماذا يفعل العبد إن كان أكل, ولا يتذكر قدر المبالغ, ومن هم الأشخاص, أو كيفية الوصول إليهم, فهل يدخل النار بذلك؟ وما الحل والتذكرُ مستحيلٌ إلا إذا ذكّره الله؟ فتلك المصيبة تكاد تقتله, وهو نادم لأنه لم تكن نيته أكل المال الحرام.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث المشار إليه ليست هذه ألفاظه, فينبغي التحرز من نسبة شيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد التثبت من لفظه, ولفظ الحديث هو ما جاء في صحيح مسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام ذكر الرجل يطيل السفر أشعث, أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟.
والمال الحرام إن كان مأخوذًا دون رضا صاحبه - بسرقة, أو غصب, أو جحد, ونحو ذلك - فيجب رده إلى صاحبه, أو طلب العفو منه، فإن تعذر ذلك فإنه يتصدق به عنه, وعلى الشخص إن لم يتذكر قدر ذلك المال أن يتحرى ويخرج ما يغلب على ظنه براءة ذمته به، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
وأما إن كان المال الحرام مأخوذًا برضا صاحبه - كالربا, ونحوه من العقود المحرمة - فيجب التخلص منه بالصدقة به عند بعض العلماء، واختار الإمام ابن تيمية أن من كسب مالًا محرمًا برضا الدافع، ثم تاب، أن له ما سلف، ولا يلزمه التخلص منه, وراجع للفائدة الفتوى رقم: 206518.
كما أنه يشرع للعبد أن يتوب توبة عامة من الذنوب التي يذكرها, والتي قد نسيها، والتوبة العامة سبب يُغفر به للعبد - بمشيئة الله - ما نسيه من ذنوبه، قال ابن تيمية: فمن تاب توبة عامة كانت هذه التوبة مقتضية لغفران الذنوب كلها، وإن لم يستحضر أعيان الذنوب, إلا أن يعارض هذا العام معارض يوجب التخصيص، مثل أن يكون بعض الذنوب لو استحضره لم يتب منه؛ لقوة إرادته إياه, أو لاعتقاده أنه حسن ليس بقبيح، فما كان لو استحضره لم يتب منه لم يدخل في التوبة، وأما ما كان لو حضر بعينه لكان مما يتوب منه, فإن التوبة العامة شاملته. اهـ.
ومن نسي مظالم العباد التي عليه, وهو صادق في التحلل منها إن ذكرها, فيرجى أن يبرئه الله منها بلطفه وكرمه، وينبغي كذلك للعبد أن يدعو الله عز وجل أن يحلله من الحقوق التي نسيها.
والله أعلم.