السؤال
هل هذا الحديث صحيح: عن هشام بن حكيم رضي الله عنه: أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أنبتدئ الأعمال؟ أم قد قضي القضاء؟ فقال: إن الله تعالى أخذ ذرية آدم من ظهورهم، وأشهدهم على أنفسهم، ثم أفاض بهم على كفيه، فقال: هؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار، فأهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة، وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث أورده بهذا اللفظ ابن أبي عاصم في كتاب السنة، وقال الشيخ الألباني: إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات وقد صرح فيه ـ بقيَّةُ ـ بالتحديث.
والحديث أخرجه الآجري عن الفريابي، حدثنا: عمرو بن عثمان بن كثير بن دينار الحمصي حدثنا بقية به، والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق أخرى عن بقية به، وتابعه عبدالله بن سالم الحمصي، لكن السند إليه ضعيف. اهـ. من ظلال الجنة في تخريج السنة لابن أبي عاصم بتصرف يسير.
وأورد الهيثمي نحوه في مجمع الزوائد وقال: رواه البزار، والطبراني، وفيه بقية بن الوليد وهو ضعيف، ويحسن حديثه بكثرة الشواهد، وإسناد الطبراني حسن.
كما أورد نحوه الطبري في تفسيره، وقال أحمد شاكر في تحقيقه: وهو خبر قد نصوا قديماً على أنه مضطرب الإسناد واضطرابه من وجوه... وبعد أن بين اضطرابه قال: وبعد ذلك كله، فمعنى الحديث صحيح، مروي عن جماعة من الصحابة بأسانيد ليس فيها هذا الاضطراب، وهو اضطراب قديم، كما نصوا على ذلك فيما نقلت آنفاً. اهـ.
ومن الأحاديث الأخرى التي تشهد لصحة معناه ما جاء في الصحيحين عن عمران بن حصين قال: قال رجل: يا رسول الله؛ أيعرف أهل الجنة من أهل النار؟ قال: نعم، قال: فلم يعمل العاملون؟ قال: كل يعمل لما خلق له، أو لما يسر له.
واعلم أن القدر السابق لا يعني سلب المشيئة والإرادة عن العباد، وإلا لزم من ذلك بطلان التكليف، وإنما العبد له مشيئة وله وإرادة، لكنهما تابعتان لمشيئة الله تعالى وإرادته، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، وهو وسط بين مذهب الجبرية ومذهب القدرية، وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 95359، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.