السؤال
أنا متزوجة، وأعيش بالقرب من بيت أهلي، وأذهب إليهم في الأسبوع مرتين تقريبا لأرى أمي وأبي أطال الله أعمارهما في طاعته.
سؤالي هو: كيف أستطيع أن أستغل قربي منهما في القيام ببرهما الواجب علي، علما أني كنت أساعدهما قليلا في أعمال المنزل، لكني الآن حامل، وأمي لا تتركني أقوم بأي عمل عندها خشية على الجنين، بل إنها هي التي تحضر الطعام لي.
أرجوكم أعطوني كل الوسائل الممكنة للبر بهما، فكلما أعود من عندهما أشعر بالذنب؛ لأني لم أقدم لهما شيئا. فهما لم يقصرا أبدا في تربيتي ولم يحرماني من أي شيء كنت أتمناه. أســـأل الله أن يحفظهما لي، وأن يعفو ويغفر لهما ولجميع المسلمين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يحفظ عليك والديك، وأن يعينك على برهما. وقد بينا بالفتوى رقم: 66308 صوراً كثيرة من بر الوالدين، فراجعيها.
ومع نيتك في البر نرجو لك التوفيق.
جاء في تفسير القرطبي: قال الله تعالى: رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا {الإسراء:25}.
قال القرطبي:(رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ) أَيْ مِنَ اعْتِقَادِ الرَّحْمَةِ بِهِمَا وَالْحُنُوِّ عَلَيْهِمَا، أَوْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعُقُوقِ، أَوْ مِنْ جَعْلِ ظَاهِرِ بِرِّهِمَا رِيَاءً. وقال ابن جبير: يريد البادرة التي تبدر كالفلتة، والزلة تكون من الرجل إلى أبويه، أو أحدهما لا يريد بذلك بأساً، قال الله تعالى: إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ. أي صادقين في نية البر بالوالدين فإن الله يغفر البادرة، وقوله: فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا. وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة بعد الأوبة. اهـ
ولا يقف البر عند حدود البر الحسي بالخدمة المالية أو الجسدية؛ فيمكنك برهما بمحاولة رفع درجاتهما في الآخرة، بتعليمهما أحكام الإسلام بكتب أو محاضرات، ونحوها، وبأمرهما بالمعروف، ونهيهما عن المنكر بأكرم الألفاظ، وبالدعاء لهما، وبالاستغفار لهما، وبالتبسم لهما، وعدم التألم والتأوه أمامهما.
وكذلك مداومة الاتصال بهما دون إملال، ومراسلتهما، والثناء عليهما، والاعتراف بمنتهما عليكِ.
والله أعلم.