السؤال
والدي توفاه الله منذ شهر، عنده أربعة أولاد متزوجون، وست بنات متزوجات.
وعنده شقق مؤجرة، يسكن عنده ثلاثة من أبنائه منذ 16 سنة، وهم يملكون شققا مؤجرة ولا يدفعون الإيجار لوالدي برغبة والدي، أما أنا الولد الرابع، والبنات الست فنسكن خارج أملاكه.
فهل في هذا عدل وما حكم الشرع في ذلك؟
هل تعتبر هذه عطية وهبة وهل لهم حق في ذلك ؟؟
أحد الأبناء الساكنين في أملاكه وهبه أرضا بدون مقابل، وبنى عليها وأجرها.
ما حكم الشرع في هذه الهبات التي أخذوها دون باقي الإخوة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا شك في أن تفضيل الوالد بعض أولاده بإسكانهم مجانا مع غناهم دون آخرين، لا شك أن هذا خلاف العدل الذي أمر الله به ورسولُه, وعلى القول بوجوب العدل بين الأولاد في العطية، وحرمة المفاضلة بينهم بغير مسوغ شرعي، كما هو قول الحنابلة، فإن أباكم عصى ربه، وأثم بعدم عدله بين أولاده.
ومجرد إسكان الوالد لبعض أولاده لا يصير به البيت ملكا لأولئك الأولاد بعد مماته، فمجرد إسكانهم في البيت مجانا لا يصير به البيت هبة لهم, والأرض التي وهبها لأحد أبنائه تصير ملكا لذلك الولد؛ لأن الوالد وإن كان مطالبا بالعدل في حياته، فإنه إذا فضل بعض أولاده ووهبهم شيئا ومات، فإن الهبة تصير ملكا للابن المفضل في قول جمهور أهل العلم حتى عند الحنابلة القائلين بوجوب العدل بين الأولاد في العطية.
قال ابن قدامة في المغني: إذَا فَاضَلَ بَيْنَ وَلَدِهِ فِي الْعَطَايَا، أَوْ خَصَّ بَعْضَهُمْ بِعَطِيَّةٍ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ، ثَبَتَ ذَلِكَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَلَزِمَ، وَلَيْسَ لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ الرُّجُوعُ. هَذَا الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ، وَالْمَيْمُونِيِّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخَلَّالِ، وَصَاحِبِهِ أَبِي بَكْرٍ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَرْتَجِعُوا مَا وَهَبَهُ. اخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ، وَأَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيَّانِ، وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَإِسْحَاقَ . اهــ.
وانظر الفتوى رقم: 114813 بعنوان: الأولاد المفضلون في الهبة هل يلزمهم رد ما فضلوا به.
وإذا وجد خلاف وشقاق بين الأولاد بعد وفاة أبيهم، فإنه ينبغي رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية لتسمع حجج المتخاصمين، وتفصل بينهم.
والله تعالى أعلم.