الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الشفاء، ولزوجتك الأجر. وأما عن سؤالك فاعلم أولا أنه لا يجوز العدول عن الوضوء إلى التيمم إلا عند العجز عن استعمال الماء, وقد نص الفقهاء على أن المريض العاجز عن الوضوء بنفسه إذا كان عنده من يوضئه، لزمه الوضوء ولو بالأجرة، ولا يعدل إلى التيمم.
قال النووي في المجموع: المريض الذي لا يخاف ضررا من استعمال الماء، إذا وجد ماء ولم يقدر على استعماله، فقد قدمنا في باب صفة الوضوء أنه يلزمه تحصيل من يوضئه بأجرة أو غيرها، فإن لم يجد وقدر على التيمم، وجب عليه أن يتيمم ... اهــ.
وفي الفواكه الدواني من كتب المالكية: بَلْ يَجِبُ عَلَى نَحْوِ الْأَقْطَعِ اسْتِنَابَةُ مَنْ يُوَضِّئُهُ ... اهــ.
وفي الإنصاف للمرداوي الحنبلي: لَوْ وَجَدَ الْأَقْطَعَ مَنْ يُوَضِّئُهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَقَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إضْرَارٍ، لَزِمَهُ ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ ... وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُيَمِّمُهُ، وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُوَضِّئُهُ، لَزِمَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ ... اهــ.
فأنت ترى أن الفقهاء يرون أن المريض العاجز عن استعمال الماء بنفسه يُعتبر قادرا بقدرة الغير. وما دامت زوجتك معك، وهي مستعدة لمساعدتك -كما قلت- فأنت قادر على الوضوء بالاستعانة بها. وكونها نائمة فهذا لا يمنع من الاستعانة بها ما دامت مستعدة لذلك، وأنت قادر على إيقاظها، ولكن إذا كان في إيقاظها إضرار بها لكونها مرهقة إرهاقا زائدا عن المعتاد، فلا توقظها.
ويُفهم من قولك: " قد أحتاج إلى استخدام يدي .. " أنك قادر على تحريك يديك، فإن كان الأمر كذلك، فإنه يمكنك أن تقوم ببعض أعمال الوضوء بنفسك، بأن تجهز لك زوجتك وضوءك قبل أن تنام، وتضعه بجانبك بحيث تستطيع تناوله عند الاستيقاظ، فتغسل ما تستطيع أن تغسله من أعضاء الوضوء, وما عجزت عنه، فإنك تتيمم له، فتجمع بين الوضوء والتيمم؛ وانظر لكيفية الجمع بينهما الفتوى رقم: 150293.
فإن عجزت عن استعمال الماء بنفسك ولم تجد معينا عليه ولو بأجرة، فإنك تعدل إلى التيمم, وعليك أن تتيمم بالتراب، فتحضر لك زوجتك قليلا من التراب في صحن صغير أو نحوه، وتضعه بجانبك قبل النوم وتتيمم به, ويمكنك أن تنفض يديك بعد التيمم، أو تمسحهما بخرقة ونحوها لتزيل ما بهما من التراب حتى لا يؤذيك.
وإن لم تتمكن من التراب، أو خشيت الضرر منه، وتيممت بغير التراب من أحجار الأرض، فلا حرج عليك, وكثير من المحققين رجح جواز التيمم بكل ما يقع عليه اسم الصعيد وهو وجه الأرض, ومن ذلك الرخام الطبيعي الذي لم تدخله الصناعة؛ لأنه من جملة الصعيد.
جاء في الفواكه الداوني: وَأَمَّا الرُّخَامُ فَإِنْ كَانَ مَصْنُوعًا بِالنَّارِ فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّم عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَنْحُوتًا بِالْقَدُّومِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ... اهــ.
وإذا صليت بالتيمم في هذه الحال لم تلزمك الإعادة.
قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: لَوْ عَجَزَ الْمَرِيضُ عَنْ الْحَرَكَةِ وَعَمَّنْ يُوَضِّئُهُ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْعَادِمِ. وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ إنْ انْتَظَرَ مَنْ يُوَضِّئُهُ، تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَلَا يُعِيدُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ ... اهــ.
وانظر الفتوى رقم: 125246عن حكم التيمم بأجزاء من الأرض ليس عليها تراب.
والذي يتحصل مما سبق أنك توقظ زوجتك لتوضئك، فإن تضررت، توضأت بنفسك -إن قدرت- وتيممت لما لا تقدر على إيصال الماء له, فإن عجزت عن الوضوء تيممت، وصليت، ولا إعادة عليك. فإن عجزت حتى عن التيمم، وخشيت خروج الوقت، صليت على حالك ولا إعادة عليك.
والله تعالى أعلم.