الحمد لله, والصلاة والسلام على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فلا نعلم ما هي الزغطة التي تسأل عنها. والذي يمكننا قوله هو أنها إن كان لها جرم: فإن تعمدَ بلعها يبطل الصيام, وإن كانت مجرد هواء لم تؤثر على الصيام, وانظر الفتوى رقم: 7619 عن مبطلات الصوم.
ويبطل الصيام بتعمد بلع ما خرج من المعدة, ووصل إلى الفم - من قيء, أو عصارة معدة كما سميتها - وانظر الفتوى رقم: 100790 ، 55967 .
وإذا غلبك خروج القيء, ولم تتعمده, ولم تتعمد بلعه بعد خروجه: فإن صيامك صحيح؛ لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ ذَرَعَهُ اَلْقَيْءُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ, وَمَنْ اسْتَقَاءَ فَعَلَيْهِ اَلْقَضَاءُ. رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ.
وأما خروج القيء في الصلاة: فما دمت لم تتعمد بلعه - كما ذكرت - والغالب أنه شيء يسير: فإن صلاتك صحيحة, ولا تطالب بإعادتها, جاء في الموسوعة الفقهية: عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ مَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ طَاهِرٌ يَسِيرٌ لَمْ يَزْدَرِدْ مِنْهُ شَيْئًا لَمْ تَبْطُل صَلاَتُهُ، فَإِنْ كَانَ نَجِسًا, أَوْ كَثِيرًا, أَوِ ازْدَرَدَ شَيْئًا مِنْهُ عَمْدًا, بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، وَإِنِ ازْدَرَدَ شَيْئًا مِنْهُ نِسْيَانًا, لَمْ تَبْطُل, وَيَسْجُدُ لِلنِّسْيَانِ بَعْدَ السَّلاَمِ، وَإِنْ غَلَبَهُ, فَفِيهِ قَوْلاَنِ ... وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِنْ كَانَ الْقَيْءُ فَاحِشًا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ, وَعَلَيْهِ الإْعَادَةُ، وَاخْتَلَفَ الرِّوَايَةُ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي يَسِيرِهِ، فَرُوِيَ أَنَّهُ قَال: هُوَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الدَّمِ؛ وَذَلِكَ لأِنَّهُ خَارِجٌ مِنَ الإْنْسَانِ نَجِسٌ مِنْ غَيْرِ السَّبِيل, فَأَشْبَهَ الدَّمَ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ لاَ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لأِنَّ الأْصْل أَنْ لاَ يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنَ النَّجَاسَةِ .. اهـــ
وتجدر الإشارة إلى أنك تناقضت في قولك: "هل يجب أساسًا أن أخرج هذه العصارة, أو هذا القيء؟ مع العلم أن هذا الأمر تلقائي, ولا أستطيع التحكم فيه..." إذ كيف تسأل عن فعل أمر يجيء تلقائيًا, ولا تستطيع التحكم فيه! ثم تقول بعد ذلك: "وعندما أبلعها أشعر أني بلعت شيئًا بعدها بشكل غير تلقائي"!
ولا نخفيك - أخي السائل - سرًّا إن قلنا إنه يظهر لنا من خلال هذا السؤال, وأسئلتك السابقة أنك مصاب بوسوسة شديدة, فننصحك بالبعد عنها, وعدم الاسترسال معها.
والله تعالى أعلم.