الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف تتعامل مع صديقتها التي قامت بمراسلة زوجها ثم اعترفا بالخطأ وطلبا منها المسامحة

السؤال

التسامح سمة من سمات الإسلام وأوصانا به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن كيف أتسامح مع إنسانة تعرفت عليها في الغربة، وأعطيتها كل ثقة، وكانت لي بمثابة الأخت، وأدخلتها بيتي وحياتي، واكتشفت فجأة أنها على اتصال بزوجي من غير علمي عن طريق النت لمدة أشهر، وزوجي هو الذي أخبرني، وقد كانت صدمة كبيرة بالنسبة لي أثرت على نفسي تأثيرا لا أستطيع أن أصفه، فعندما دفعتني نفسي لفتح إيميل زوجي الخاص ومشاهدة الرسائل التي كانت بينهما لم أتوقع أبدا هذه الجرأة من زوجي في الحديث مع امرأة أجنبية عنه، وخاصة أنها زوجة صديقه وعرفتها عن طريق علاقته بصديقه، وعندما واجهته اعتذر لي واعترف بخطئه، ووعدني أنه لن يكررها ثانية، وقال لي كنت أجاريها لأعرف ماذا تريد مني؟ ولم أتوقع أبدا أن تكون هذه أخلاق زوجي الرجل الذي يصلي في المساجد والحريص على تحفيظ أولاده القرآن، والذي عاشرته أكثر من عشر سنوات وأنجبت منه أربعة أطفال، قد كانت له سوابق مثل هذه ولكنها كانت بسيطة وعابرة، معاكسة جوال أو معرفة طريق سفر كنت أعلمها بالصدفة أو يخبرني عنها، ولكنه بعد هذا الموقف عاهد الله أمامي أنه لن يرجع إلى مثل هذه الأمور وتغير معي إلى الأفضل، ولكنني مازلت أشعر أن نفسي لن تنسى له هذا، وأصبح لدي عدم ثقة فيه وفي كل إنسانة تعرف عليها؛ رغم أنها اعتذرت لي كثيرا وطلبت مني السماح، وبعد مرور عامين مازال زوجي على اتصال بصديقه ـ زوجها ـ وعلاقتهما طيبة، وطلب مني زوجي أن أسامح وأغفر وأعود لعلاقتي بها، ولكنني رفضت، وأشعر أنني لا أطيق أبدا النظر في وجهها، وعلاقته بهذا الرجل تضيق بها نفسي، لأنها تذكرني في كل لحظة بالذي حدث في الماضي، ورغم معرفة هذا الرجل بالذي حدث من زوجته وهي التي أخبرته، ولكنه لا يعرف بالتفصيل الحوارات التي دارت بينهما إلا أنه مازال على علاقته بزوجي، ويقول لزوجي إنني من كبرت الموضوع وليس فيه مشكلة، وعندما كنت في زيارة روضة النبي صلى الله عليه وسلم أشهدت الله أنني سامحتهما، ولكني أشعر أن نفسي لا تغفر لهذه الإنسانة ولست أدري ماذا أفعل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فبداية ننبهك إلى أن العلاقة بين النساء والرجال الأجانب لها حدود وضوابط في الشرع، والتهاون في تلك الضوابط بدعوى الصداقة وغيرها، مسلك مخالف للشرع يؤدي إلى عواقب وخيمة، وراجعي الفتوى رقم: 226330.

فالواجب عليكم الوقوف عند حدود الشرع والتقيد بضوابطه، وإن كانت تلك المرأة قد تعدت حدود الشرع في علاقتها بزوجك، فعليك نصحها وأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر، فإن لم تفد نصيحتها، فلا حرج عليك في هجرها واجتناب صحبتها، قال ابن عبد البر رحمه الله: وأجمع العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث إلا أن يكون يخاف من مكالمته وصلته ما يفسد عليه دينه أو يولد به على نفسه مضرة في دينه أو دنياه، فإن كان ذلك فقد رخص له في مجانبته وبعده، ورب صرم جميل خير من مخالطة مؤذية. اهـ

وأما إذا تابت واستقامت فينبغي ألا تلتفتي لما وقع منها، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وإذا كانت قد أساءت إليك فالأولى لك العفو عن إساءتها، فإنّ العفو عن المسيء يزيد صاحبه عزاً وكرامة، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:.. وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا.

كما أن العفو سبيل لنيل عفو الله ومغفرته، قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:22}.

وننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات في موقعنا ليدلوك على ما ينفعك ويخلصك من الآثار النفسية لهذه الحادثة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني