السؤال
أنا صاحب موقع لمحلات بيع فساتين الأعراس، والمحلات طبعا تريد رفع صور نساء يلبسن الفساتين لعرض البضاعة الجديدة. أعلم أن نشر صور النساء محرّم، ولكن أريد أن أستفسر عن التالي:
الاستفسار الأول: سأقوم بوضع سؤال إجباري للزائر قبل الدخول إلى الموقع لتحديد هل هو رجل أم امرأة، وفي حالة إجابته بأنه رجل سيقوم الموقع بإخفاء جميع صور النساء. وللاحتياط أيضا إذا أجاب رجل بأنه امرأة بالخطأ، قبل الدخول إلى قسم الصور سنقوم بعرض تحذير بعدم دخول هذا القسم إلا للنساء فقط لوجود صور نساء في القسم.
فهل يجوز نشر الصور في هذه الحالة على الموقع؟ وهل أأثم بسبب الرجال الذين أجابوا بأنهم نساء ولم يكترثوا بالتحذير، ودخلوا ونظروا إلى الصور؟
الاستفسار الثاني: ستقوم المحلات بإرسال الصور إلى بريد الموقع، وسأقوم أنا برفع الصور والتأكد أنه لا توجد أخطاء في الموقع، وهذا يتطلب منّي النظر إلى الصور بشكل سريع للقيام بحذف الصور غير ذات الصلة. فهل يجوز ذلك؟
سبق وقرأت عن جواز بيع الزينة التي تحتوي على أوراق دعاية عليها صور نساء، وكانت الإجابة أنّه يجوز؛ لأنه مما عمّت به البلوى، وأنّه غير مقصود بذاته. فهل هذه الحالة تعتبر نفس الشيء؟
الاستفسار الثالث: هل يجوز التعامل مع محل تكون فيه البائعة أو صاحبة المحل غير محجّبة؟
الاستفسار الرابع: ما حكم العمل في شيء مباح، ولكن تحيطه المحرمات بشكل كبير كمثال هذا الموقع؟ هل الأحرى أن أترك العمل فيه نهائياً أم أعمل فيه في حدود الحلال مع العلم أن له مستقبلا جيّد جدّاً ليكون موقعاً ناجحاً؟
سامحونا على الإطالة.
وجزاكم الله خيراً، ورزقكم الحكمة ودوام التميّز والتوفيق.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في فتاوى كثيرة أنه لا يجوز تصميم موقع يعرض صور النساء؛ وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 124730، 20695، 121213، 222283.
وأما مسألة وضع سؤال إجباري للحيلولة دون رؤية الرجال لصور النساء، ثم وضع تحذير بعدم دخول هذا القسم إلا للنساء فقط ... فهذا وأمثاله لا يفي بالغرض؛ وذلك بالنظر للغالب من حال أكثر مستخدمي الشبكة العنكبوتية، وبالتالي فإنه لا يعفيك من المسؤولية، ولا يعني أنك لم تعن على الإثم، وتشارك فيه من لم يكترثوا بالتحذير، فنظروا إلى هذه الصور.
ويؤكد المنع من عملك في هذا الموقع ما ذكرته في الفقرة الثانية من السؤال، حيث يتطلب هذا العمل منك أن تنظر إلى هذه الصور لحذف ما لا صلة له بالموضوع، وهذا النظر وإن كان سريعا، فإنه وسيلة شر، وذريعة فساد، والقلب يتقلب، والسلامة لا يعدلها شيء. ولا يصح قياس ذلك على بيع الزينة المباحة المحتوية على دعاية بصور امرأة؛ لأن ما أنت فيه لا يوصف بكونه عمت به البلوى، وأنه غير مقصود لذاته! فشتان بين من يجد سلعة تباع وعليها صورة، فلا حرج عليه أن يشتري هذه السلعة إذ يشق عليه البحث عن سلعة ليس فيها صورة، والصورة نفسها غير مقصودة بالبيع, وبين من يقوم بتصميم هذه الصور وعرضها, ومع أن الترويج لا يفتقر إليها، فيمكن أن يحصل بصور الملابس ذاتها دون النساء اللاتي يلبسنها. وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 80895، 124388، 143443.
وأما الاستفسار الثالث فجوابه أن ذلك مباح في ذاته، ثم بعد ذلك ينظر المرء في حال نفسه، فإن كان ذلك يتسبب في وقوعه في معصية، فيجب عليه الامتناع إما عن المعصية، وإما عن هذه المعاملة بالكلية؛ لأن ما لا يتم ترك الحرام إلا بترك، فتركه واجب. وراجع للفائدة الفتويين: 146489، 132191.
وأما الاستفسار الرابع، فجوابه: أنه إن أمكن العمل في هذا المجال ونحوه مع الالتزام الضوابط والشرعية، فلا يحرم ذلك. وإن كان ذلك يقرب المرء من المعاصي والمحرمات فتركه أولى وأفضل، وهذا من الورع المحمود، ونذكر السائل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: الحلال بين والحرام بين، وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات، كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا إن حمى الله في أرضه محارمه. متفق عليه. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 148001.
والله أعلم.