السؤال
قالت عائشة رضي الله عنها: إنما الأقراء الأطهار ـ وقالت فيما معنى حديثها: إذا دخلت المرأة في الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها وحلت لغيره، مع أنها لم تطهر الطهر الثالث، ورأي عائشة في القرء أنه الطهر، فلماذا تقول إذا دخلت في الحيضة الثالثة بانت من زوجها؟ وهل لا يجوز للرجل أن يعيد زوجته المطلقة حال الحيض؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في عدة المطلقة لاختلافهم في المراد بالقروء هل هي الحيضات أم الأطهار؟ والراجح عندنا أنها الحيضات، فتنقضي العدة بانقضاء ثلاث حيضات ممن تحيض، وراجع الفتوى رقم: 3595.
فعلى هذا القول تصح الرجعة في الحيضة الثالثة حتى تطهر المرأة منها فتنقضي عدتها، ولا تصح الرجعة، أما على القول الآخر وهو اعتبار الأقراء الأطهار فيحتسب الطهر الذي وقع فيه الطلاق، فإذا حاضت المرأة بعده حيضة ثم طهرت منها كان هذا هو الطهر الثاني، فإذا حاضت الثانية ثم طهرت منها كان هذا هو الطهر الثالث، فإذا حاضت بعده انقضت العدة بدخول الحيضة الثالثة، وهذا هو المذكور عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ ففي موطأ مالك: عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا انْتَقَلَتْ حَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ حِينَ دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَتْ: صَدَقَ عُرْوَةُ، وَقَدْ جَادَلَهَا فِي ذَلِكَ نَاسٌ، فَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ {البقرة: 228} فَقَالَتْ عَائِشَةُ: صَدَقْتُمْ، تَدْرُونَ مَا الْأَقْرَاءُ؟ إِنَّمَا الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ ـ قال الباجي رحمه الله: وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ الْقُرْءَ الْخُرُوجُ مِنْ الطُّهْرِ إلَى الْحَيْضِ، فَإِذَا رَأَتْ الدَّمَ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ كَمُلَتْ لَهَا ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَكَانَ لَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ مِنْ مَوْضِعِ اعْتِدَادِهَا.
والله أعلم.