السؤال
هل يجب الاستنجاء لكل صلاة لصاحب السلس بعد دخول الوقت؟ أم يمكنه الاستنجاء والوضوء قبل الوقت بيسير؟.
هل يجب الاستنجاء لكل صلاة لصاحب السلس بعد دخول الوقت؟ أم يمكنه الاستنجاء والوضوء قبل الوقت بيسير؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فصاحب الحدث الدائم لا يتوضأ للصلاة إلا بعد دخول وقتها في قول جمهور أهل العلم, قال صاحب كشاف القناع عن شروط صحة الوضوء: وَدُخُولُ الْوَقْتِ عَلَى مَنْ حَدَثُهُ دَائِمٌ لِفَرْضِهِ أَيْ فَرْضِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، لِأَنَّ طَهَارَتَهُ طَهَارَةُ عُذْرٍ وَضَرُورَةٍ فَتَقَيَّدَتْ بِالْوَقْتِ كَالتَّيَمُّمِ. اهـ.
كما يتعين عليه أيضا أن يقدم الاستنجاء على الوضوء في قول كثير من الفقهاء, جاء في الموسوعة الفقهية: شُرُوطُ الْوُضُوءِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ: 46ـ يَشْتَرِطُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لِوُضُوءِ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ وَهُوَ مَنْ حَدَثُهُ دَائِمٌ كَسَلَسٍ وَاسْتِحَاضَةٍ دَخَل الْوَقْتُ وَلَوْ ظَنًّا، لأِنَّ طَهَارَتَهُ طَهَارَةُ عُذْرٍ وَضَرُورَةٍ، فَتَقَيَّدَتْ بِالْوَقْتِ كَالتَّيَمُّمِ، وَتَقْدِيمِ الاِسْتِنْجَاءِ أَوِ الاِسْتِجْمَارِ، وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ اشْتِرَاطَ التَّحَفُّظِ حَيْثُ احْتِيجَ إِلَيْهِ، وَأَيْضًا الْمُوَالاَةَ بَيْنَ الاِسْتِنْجَاءِ وَالتَّحَفُّظِ وَالْمُوَالاَةَ بَيْنَ أَفْعَال الْوُضُوءِ، وَالْمُوَالاَةَ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَبَيْنَ الصَّلاَةِ. اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ، وَمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ أَوْ الْمَذْيُ، أَوْ الْجَرِيحَ الَّذِي لَا يَرْقَأُ دَمُهُ، وَأَشْبَاهَهُمْ مِمَّنْ يَسْتَمِرُّ مِنْهُ الْحَدَثُ وَلَا يُمْكِنُهُ حِفْظُ طَهَارَتِهِ، عَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَ غَسْلِ مَحَلِّ الْحَدَثِ، وَشَدِّهِ وَالتَّحَرُّزِ مِنْ خُرُوجِ الْحَدَثِ بِمَا يُمْكِنُهُ، فَالْمُسْتَحَاضَةُ تَغْسِلُ الْمَحَلَّ، ثُمَّ تَحْشُوهُ بِقُطْنٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ، لِيَرُدَّ الدَّمَ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَمْنَةَ، حِينَ شَكَتْ إلَيْهِ كَثْرَةَ الدَّمِ: أَنْعَتُ لَك الْكُرْسُفَ، فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ, فَإِنْ لَمْ يَرْتَدَّ الدَّمُ بِالْقُطْنِ اسْتَثْفَرَتْ بِخِرْقَةٍ مَشْقُوقَةِ الطَّرَفَيْنِ تَشُدُّهَا عَلَى جَنْبَيْهَا وَوَسَطُهَا عَلَى الْفَرْجِ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: لِتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ, وَقَالَ لِحَمْنَةَ: تَلَجَّمِي ـ لَمَّا قَالَتْ: إنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ, فَإِذَا فَعَلْت ذَلِكَ، ثُمَّ خَرَجَ الدَّمُ، فَإِنْ كَانَ لِرَخَاوَةِ الشَّدِّ، فَعَلَيْهَا إعَادَةُ الشَّدِّ وَالطَّهَارَةُ، وَإِنْ كَانَ لِغَلَبَةِ الْخَارِجِ وَقُوَّتِهِ وَكَوْنِهِ لَا يُمْكِنُ شَدُّهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، لَمْ تَبْطُلْ الطَّهَارَةُ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، فَتُصَلِّي وَلَوْ قَطَرَ الدَّمُ قَالَتْ عَائِشَةُ: اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ، فَكَانَتْ تَرَى الدَّمَ وَالصُّفْرَةَ وَالطَّسْتُ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي ـ رَوَاهُ الْبُخَارِي، وَفِي حَدِيثٍ: صَلِّي وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ ـ وَكَذَلِكَ مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ، أَوْ كَثْرَةُ الْمَذْيِ، يَعْصِبُ رَأْسَ ذَكَرِهِ بِخِرْقَةٍ ، وَيَحْتَرِسُ حَسَبَ مَا يُمْكِنُهُ، وَيَفْعَلُ مَا ذُكِرَ, وَكَذَلِكَ مَنْ بِهِ جُرْحٌ يَفُورُ مِنْهُ الدَّمُ، أو به ريح، أو نحو ذلك من الأحداث... اهـ.
وانظر الفتويين رقم 194235, ورقم: 140887.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني