السؤال
أنا مصاب بالشلل وأعاني من سلس البراز غير المنقطع وأتيمم لكل صلاة منذ سنوات، وأحياناً أجمع الصلاة جمعا حقيقيا بتيمم واحد تقديما أو تأخيرا ولا أغير ملابسي ولا أتطهر من البراز، لأن ذلك يشق علي وأحياناً لا أستطيع، فهل فعلي هذا جائز؟ وهل يجوز لي أن أتوضأ وضوءا عاديا دون غسل الدبر، لأن هذا يشق علي فأنا مقعد، ولا أستطيع أحيانًا، فأتوضأ وضوءا عاديا دون غسل السبيلين، لأنني أستطيع فعل ذلك أحياناً ولا يشق علي، ولأنني مللت من التيمم، فهل فعلي هذا جائز؟ وعند الخروج من المنزل أتيمم أو أتوضأ دون غسل السبيلين وأصلي بهذا الوضوء أو التيمم الصلاة التي يدخل وقتها، فهل فعلي هذا جائز؟ وكما علمت فإن مذهب الإمام مالك يجيز ذلك، علما بأنني لا أستطيع أن أتحفظ، لأنه يشق علي فعل ذلك؟ ولا أستطيع أن أتطهر من البراز.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك الصبر والعافية، وأبشر بقول الله تعالى: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:6}.
وقد بينا حكم من به سلس البراز بالفتوى رقم: 194235، وخلاصتها أن الواجب عليك أن تغسل محل الحدث، وتشد عليه خرقة، أو نحوها لتمنع انتشاره، ثم تتوضأ وتصلي.
والواجب عليك الوضوء لكل صلاة عند الجمهور، لكن إذا شق عليك ذلك فيسعك الأخذ بمذهب المالكية الذين لا يوجبون الوضوء لكل صلاة على صاحب السلس ما لم يحدث حدثًا آخر ـ أي حدث غير البراز في مسألتك ـ ولا يلزمك تكرار الاستنجاء لكل صلاة، بل يكفي الوضوء عند الإمام أحمد، إذا شق الغسل وتجديد العصب، كما بينا في الفتوى رقم: 139880.
وهو أيضاً مذهب مالك ـ كما سيأتي ـ ولا يجوز لك العدول إلى التيمم طالما وجدت من يوضئك تبرعا، أو بأجرة المثل ـ إن كنت تقدر عليها ـ كما بينا في الفتوى رقم: 66042.
وأما الصلوات التي صليتها بتيمم مع إمكان الوضوء: فيجب قضاؤها، لأن الذمة لا تزال مشغولة بها، وقضاء فوائت الصلاة يكون حسب الطاقة بما لا يضر بالبدن والمعاش، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 65077.
ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن من ترك شرطًا من شروط الصلاة أو ركنًا من أركانها جاهلاً بالحكم لا تجب عليه إعادة ما مضى، بل تجب عليه إعادة صلاة الوقت والالتزام به في المستقبل فقط، كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 106682، ورقم: 98617.
فإن كان الأمر شاقاً عليك فيسعك العمل بهذا القول، وراجع الفتوى رقم: 200631.
وأما بخصوص ترك التحفظ: فقد بينا بالفتوى رقم: 130927، أنه يجب على المصاب بالسلس أن يشد خرقة أو نحوها على العضو ليمنع انتشار النجاسة في الثياب إلا أن يخاف الضرر، فلا يلزمه التحفظ بشد الخرقة.
وعليه؛ فإن كنت تتضرر بذلك جاز لك ترك التحفظ، وأما ترك الاستنجاء من البراز، وترك إزالة النجاسة من الثياب، فقد رخص فيه المالكية في حق من استنكحه الحدث، ولو مرة في اليوم، ونرى أنه يسعك العمل بهذا القول للمشقة الشديدة أو العجز أحياناً، وراجع الفتويين رقم: 129342، ورقم: 134916.
وأما الجمع الحقيقي: فلا يجوز بمجرد السلس عند الجمهور، وقد بينا مذاهب العلماء في ذلك في الفتوى رقم: 143905
ولكن يجوز لأجل المرض الشلل إذا وجدت المشقة في إفراد كل صلاة في وقتها، كما بينا في الفتوى رقم: 139540، وتوابعها.
والله أعلم.