الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخواطر النفسية ليست كلها تحت مظلة العفو

السؤال

أحدث نفسي عن شخص ما، وأتخيله بشكل معين، فأضحك على ما أتخيله أو ما أقوله في نفسي. هل في ذلك شيء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان ما تتخيله من حديث النفس الذي يعرض للقلب ولا يستقر فيه، فلا مؤاخذة به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم. أخرجه البخاري ومسلم.

وقد سئل ابن عثيمين: هل الإنسان إذا تكلم بينه وبين نفسه في أعراض الناس عليه إثم أم لا؟

فأجاب: ليس عليه إثم في ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) ولكن إذا كان هذا يؤدي إلى إساءة الظن بالمسلمين الذين ظاهرهم العدالة، فإنه حرام؛ لأن ظن السوء بالمسلم الذي ظاهره العدالة محرم كما ذكره أهل العلم؛ وقد قال الله تبارك وتعالى (إن بعض الظن إثم) .اهـ. من فتاوى نور على الدرب.

وأما إن كنت تستجلب هذه التخيلات وتستقر في قلبك، وتضحك منها باختيارك، فهذا لا يجوز.

جاء في الأذكار للنووي رحمه الله :.. فأما الخواطر، وحديث النفس، إذا لم يستقرَّ ويستمرّ عليه صاحبُه، فمعفوٌ عنه باتفاق العلماء؛ لأنه لا اختيارَ له في وقوعه، ولا طريقَ له إلى الانفكاك عنه. وهذا هو المراد بما ثبتَ في الصحيح عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: " إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي ما حَدَّثَتْ بِهِ أنْفُسَها ما لَمْ تَتَكَلَّم بِهِ أوْ تَعْمَلْ ".

قال العلماء: المراد به الخواطر التي لا تستقرّ. قالوا: وسواءٌ كان ذلك الخاطِرُ غِيبة أو كفراً أو غيرَه، فمن خطرَ له الكفرُ مجرّد خَطَرٍ من غير تعمّدٍ لتحصيله، ثم صَرفه في الحال، فليس بكافر، ولا شيء عليه. وقد قدّمنا في " باب الوسوسة " في الحديث الصحيح أنهم قالوا: " يا رسولَ الله؛ يجدُ أحدُنا ما يتعاظمُ أن يتكلَّمَ به، قال: ذلكَ صريحُ الإيمان " وغير ذلك مما ذكرناه هناك وما هو في معناه. وسببُ العفو ما ذكرناه من تعذّرٍ اجتنابه، وإنما الممكن اجتناب الاستمرار عليه فلهذا كان الاستمرار وعقد القلب حراما ومهما عرض لك هذا الخاطرُ بالغيبة وغيرها من المعاصي، وجبَ عليك دفعُه بالإِعراض عنه وذكر التأويلات الصارفة له عن ظاهره.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني