الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ثواب من أصابه هم فلم يجزع أو مصيبة فاسترجع

السؤال

ورد في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ما يُصيبُ المُسلِمَ، مِن نَصَبٍ ولا وَصَبٍ، ولا هَمٍّ ولا حُزْنٍ ولا أذًى ولا غَمٍّ، حتى الشَّوْكَةِ يُشاكُها، إلا كَفَّرَ اللهُ بِها مِن خَطاياهُ ـ يعني إذا كنت مهموما من الاختبارات وأفكر فيها، فهل أنا داخل في هذا الحديث؟ وإذا نقصت درجاتي وحزنت ولم أجزع، وإنما قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها ـ مثل ما حدث لأم سلمة ـ رضي الله عنها ـ فهل أدخل في قوله تعالى: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالهموم تكفر من خطايا المسلم، كما جاء ذلك صريحا في الحديث الذي ذكرته في سؤالك، والحديث عام في أي هم يصيب المسلم، فلعله يدخل فيه الهم بسبب الاختبارات وغيرها، قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: قوله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له درجة ومحيت عنه بها خطيئة ـ وفي رواية: إلا رفعه الله بها درجة أو حط عنه بها خطيئة ـ وفي بعض النسخ: وحط عنه بها ـ وفي رواية: إلا كتب الله له بها حسنة أو حطت عنه بها خطيئة ـ في هذه الأحاديث بشارة عظيمة للمسلمين، فإنه قلما ينفك الواحد منهم ساعة من شيء من هذه الأمور، وفيه تكفير الخطايا بالأمراض والأسقام ومصائب الدنيا وهمومها وإن قلّت مشقتها، وفيه رفع الدرجات بهذه الأمور وزيادة الحسنات، وهذا هو الصحيح الذي عليه جماهير العلماء، وحكى القاضي عن بعضهم أنها تكفر الخطايا فقط ولا ترفع درجة ولا تكتب حسنة، قال: وروي نحوه عن بن مسعود قال: الوجع لا يكتب به أجر، لكن تكفر به الخطايا فقط، واعتمد على الأحاديث التي فيها تكفير الخطايا ولم تبلغه الأحاديث التي ذكرها مسلم المصرحة برفع الدرجات وكتب الحسنات.

وإن أصابتك مصيبة فلم تجزع، وإنما حمدت الله واسترجعت ودعوته، فإنك تثاب على ذلك ـ إن شاء الله ـ قال الشيخ العثيمين رحمه الله: والحمد عند المصائب مما يدل على صبر الإنسان على قضائه وقدره وأنه صبر فأثنى على الله بصبره على هذه المصيبة.
ونرجو من الله تبارك وتعالى أن يشملك قوله: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر:10}.

قال السعدي ـ رحمه الله ـ في تفسيره: وهذا عام في جميع أنواع الصبر، الصبر على أقدار اللّه المؤلمة فلا يتسخطها، والصبر عن معاصيه، فلا يرتكبها، والصبر على طاعته حتى يؤديها. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني