الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العلاقة بين الأجنبيين أمر منكر وذريعة إلى الفساد

السؤال

أنا شاب في 23 من عمري، وأنا من عائلة ملتزمة، وتعرفت إلى فتاة اتفاقًا على موقع التواصل الاجتماعي، وكانت تقطن في مدينة بعيدة عن مدينتي، وكنا نتبادل الأفكار، ونتحدث عن حياتنا، لكنا تعمقنا كثيرًا، وأعجبت بأخلاقها، وتصرفاتها، وتحصيلها الدراسي، وهي كذلك، وبعد مدة أصبحت لنا مشاعر تجاه بعضنا، وكل هذا كان عبر الإنترنت، والهاتف، إلى أن التقينا ذات مرة، وأعجبنا ببعضنا أكثر، وقد تواعدنا بالزواج، وذلك دون علم أحد من أهلنا، وبحلول شهر رمضان بدأت ألتزم بصلاتي، وغيرها من العبادات، وقد منّ الله عليّ أن ابتعدت عن كثير من المعاصي، وانأ الآن ملتحٍ، وأبحث دائمًا عن الصواب في ديني، ولكنا ما زلنا نتواصل، ونتحدث عن الدراسة، وأحوال بعضنا، ونحاول تجنب الكلام الذي يوقعنا في الشهوة، وما زلنا الآن طلبة، وننوي الاستمرار إلى أن نتخرج، وأحصل على وظيفة ثم نتزوج، مع العلم أن لديّ دخلًا الآن، فماذا ترون؟ هل أقطع علاقتي معها؟ - وإن فعلت فقد تمرض نفسيًا، أو ما شابه، وأشعر أني إن فعلت سأخلف وعدي، وأظلمها - أم أستمر في علاقتي معها؟ أرجو أن تساعدوني، فأنا في حيرة من أمري - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهنيئًا لك ما أنعم الله عليك به من سلوك سبيل الاستقامة، وهي نعمة عظيمة تستحق الشكر، فشكران النعم من أسباب دوامها، وزيادتها، وكفرانها من أسباب نقصانها وزوالها، قال تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ {إبراهيم:7}، ومن أفضل ما تشكر به هذه النعمة الحرص على ما يعين على الثبات، من العلم النافع، والعمل الصالح، وحضور مجالس الذكر، والخير، ومصادقة أهله، وفي مقابل ذلك اجتناب مجالس الشر وأهله، وراجع الفتاوى: 15219- 12928- 10800.

وهذه الفتاة أجنبية عنك، فاستمرارك معها على هذه العلاقة أمر منكر، وذريعة إلى الفساد، قد تقودك إلى الزلل، إن لم تتدارك نفسك، وتقطع كل علاقة لك معها، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ {البقرة:208}، قال ابن كثير في تفسيره: أي: اعملوا الطاعات، واجتنبوا ما يأمركم به الشيطان فـ {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 169]، و{إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 6]؛ ولهذا قال: {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} قال مُطَرِّف: أغش عباد الله لعَبِيد الله الشيطان. اهـ.

ويمكنك السعي في الزواج منها، فإن تيسر لك ذلك فهو أمر حسن، فقد روى ابن ماجه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم ير للمتحابين مثل النكاح.

وليست الدراسة مانعًا من الزواج، ويمكن مواصلة الدراسة بعد الزواج، ويكون الزواج سببًا من استقرار النفس، وتحصيل التفوق والنجاح.

وإن لم يتيسر لك الزواج منها: فاقطع كل علاقة لك معها، ولا تكون ظالمًا لها بذلك، وما عليك أن تمرض نفسيًا، أو غير ذلك، فهل تضر نفسك من أجلها؟! فاطلب لنفسك السلامة والعافية.

والوفاء بالوعد مستحب، وليس بواجب في قول جمهور الفقهاء، وليس في مجرد قطع العلاقة معها إخلاف للوعد، وراجع الفتوى رقم: 17057.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني