السؤال
قمت بمساعدة الوالد عندما أراد تركيب صحن فضائي لمشاهدة التلفاز، ولم أستطع أن أتحدث معه، وأخبره بأني لا أرغب في مساعدته؛ بسبب عصبيته الزائدة عندما يكون عندنا عمال في المنزل، فهل آثم عندما تظهر صورة امرأة متبرجة في التلفاز، أو صوت موسيقى، أم أنصح الوالد، وتبرأ ذمتي؟ مع العلم أن الوالد شديد التعامل معنا - بارك الله فيكم -.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لم تكن متأكدًا من كون والدك سيستخدم الجهاز في الاطلاع على المحرمات: فلا حرج عليك في مساعدته؛ لأن الأصل هو عدم اتهامه بإرادة السوء.
وأما إن كان من عادته مشاهدة القنوات التي يحرم النظر إليها: فإنه لا تجوز لك إعانة الوالد، ولا غيره على أي شيء يتوصل به للمعاصي؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
وعلى احتمال تحريم إعانته: فتحب عليك التوبة إلى الله تعالى مما حصل، وأن تسعى في إقناع والدك بضرورة التحكم في هذا الجهاز، وأن لا يستخدم إلا في شيء مباح، وإذا حصل هذا فلا يقع عليك الإثم - إن شاء الله تعالى - في رؤية بعض الناس لبعض المناظر المحرمة، فإن من تاب توبة صادقة، وسعى في محو آثار ذنبه، لا يضره ما بقي من أثرها مما لا طاقة له به، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وكل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، وقد مثل أهل العلم لذلك بمن نشر بدعة ثم تاب منها.
قال صاحب المراقي:
من تاب بعد أن تعاطى السببا * فقد أتى بما عليه وجبا
وإن بقي فساده كمن رجع * عن بث بدعة عليها يتبع.
والله أعلم.