السؤال
رجل يبلغ من العمر حوالي أربعين عاما. لا يدري هل والداه عملا له عقيقة عند مولده أم لا؟ قرأ أن من عمل له عقيقة ينال الشفاعة.
- هل يصح أن يعمل عقيقة عن نفسه؟ كيف من فضلك؟
-هل يعطي لمطعم ثمن خروفين، والمطعم يعمل له عقيقة؟
-هل بذلك صحت العقيقة؟
-هل العقيقة يأكل منها الغني والفقير؟ هل صاحب العقيقة يأكل منها أم لا يصح؟ وهل أقاربه يأكلون منها أم لا؟
-إذا كان لا يصح أن يأكل منها غير الفقراء، وهناك مطعم يقول إنه سيعمل له العقيقة. هل إذا أعطاه ثمن شاتين برئت ذمته أم يجب أن يتابع المطعم ليعرف من وزعها عليهم؟ وهل وزعوها حسب الشرع أم لا؟ هل أعطوا أغنياء منها مثلا وذلك لا يجوز؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما ما قرأه ذلك الرجل من أن من عمل له عقيقة ينال الشفاعة... لعل السائل يقصد منه ما شرح به حديث: أن الغلام مرتهن بعقيقته. كما أورده الترمذي وأبو داوود وابن ماجه وغيرهم.
وقد جاء في فتح الباري لابن حجر العسقلاني: "... وأجود شروحه ما ذكره أحمد. وحاصله: أن الغلام إذا لم يعق عنه، فمات لم يشفع لوالديه.
وفي خصوص موضوع السؤال: فالغالب أن الوالد يكون قد عق عن ولده إذا كان قادرا على العقيقة في ذلك الوقت؛ لأن العقيقة سنة -على الراجح من أقوال أهل العلم- ولا ينبغي تركها لمن كان قادرا عليها. والأولى بالمرء أن يحسن الظن بأبيه، ويبعد الشك في كونه لم يعق عنه. وانظر الفتوى رقم: 103201.
وإذا كان يغلب على ظنه أن والده لم يعق عنه؛ فلا نرى عليه حرجا في أن يعق عن نفسه؛ فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يستحب لمن بلغ ولم يعق عنه أهله، أن يعق عن نفسه؛ لما رواه الطبراني وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد ما بعث نبياً. وتكلم أهل العلم في سنده، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وغلبة الظن يعمل بها عند تعذر الوصول إلى اليقين، وتنزل منزلة العلم في أغلب الأحكام الشرعية.
قال الشاطبي في الاعتصام: وَالْحُكْمُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ أَصْلٌ فِي الْأَحْكَامِ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في منظومة القواعد:
وإن تعذر اليقين فارجعا * لغالب الظن تكن متبعاً
والمعنى أن الإنسان إذا لم يمكنه العمل باليقين، فإنه يعمل بغلبة الظن.
ويجوز له أن يوكّل على عقيقته من يثق به إذا كان يعلم أنه يقوم بها على الوجه الصحيح، سواء كان صاحب مطعم، أو جمعية خيرية أو غيرهما؛ فإذا كان من يدفع له ثمن العقيقة سيشتري به شاتين مجزئتين، أو شاة مجزئة -كما يجزئ في الأضحية- ويذبحهما فعلا فقد فعل المطلوب. وانظر الفتويين: 141693، 188301 .
ولا بأس أن يتابع من وكّل عليها حتى يتأكد ويطمئن قلبه. والعقيقة حكمها كحكم الأضحية –كما أشرنا- فيمكن أن يجمع عليها من يشاء من الأقارب، والأصدقاء، ويطعمهم بها سواء كانوا أغنياء أو فقراء، ويمكن أن يوزعها أثلاثا يأكل ثلثا، ويتصدق بثلث، ويهدي ثلثا، أو يجعلها نصفين؛ نصف للأكل، ونصف للصدقة والهدية، فكل ذلك واسع –إن شاء الله – وانظر الفتوى رقم: 176923.
والله أعلم.