الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شكر النعمة؛ الواجب منه والمستحب.

السؤال

ما الواجب على من فضله الله سبحانه على أناس آخرين في نعمة أو نعم معينة بعد الشكر تجاه الله وتجاه الناس؟ وهل يكون واجبا عليه شيء تجاه الآخرين مثل: من هداه الله وجبت عليه الدعوة، ومن عنده فضل مال وجب عليه الإنفاق، ومن عنده زيادة في العقل أو العلم وجبت عليه مساعدة الآخرين؟...إلخ.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له، قال أبو سعيد الخدري: فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل. رواه مسلم.
قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث: في هذا الحديث الحث على الصدقة والجود والمواساة والإحسان إلى الرفقة والأصحاب والاعتناء بمصالح الأصحاب. اهـ.

وكذلك من عنده فضل علم ينبغي أن ينشره بين من يحتاجون إليه ويدعو الناس إلى العمل به، يقول ابن عثيمين رحمه الله: زكاة العلم تكون بأمور:

الأمر الأول: نشر العلم: نشر العلم من زكاته، فكما يتصدق الإنسان بشيء من ماله، فهذا العالم يتصدق بشيء من علمه وصدقة العلم أبقى دومًا وأقل كلفة ومؤونة، أبقى دومًا، لأنه ربما كلمة من عالم تسمع ينتفع بها أجيال من الناس وما زلنا الآن ننتفع بأحاديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ولم ننتفع بدرهم واحد من الخلفاء الذين كانوا في عهده، وكذلك العلماء ننتفع بكتبهم ومعهم زكاة وأي زكاة، وهذه الزكاة لا تنقص العلم، بل تزيده كما قيل:

يزيد بكثرة الإنفاق منه وينقص إن به كفا شددت.

الأمر الثاني: العمل به: لأن العمل به دعوة إليه بلا شك، وكثير من الناس يتأسون بالعالم، بأخلاقه وأعماله أكثر مما يتأسون بأقواله، وهذا لا شك زكاة.
الأمر الثالث: الصدع بالحق: وهذا من جملة نشر العلم، ولكن النشر قد يكون في حال السلامة وحال الأمن على النفس، وقد يكون في حال الخوف على النفس، فيكون صدعًا بالحق.

الأمر الرابع: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: لاشك أن هذا من زكاة العلم، لأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر عارف للمعروف وعارف للمنكر، ثم قائم بما يجب عليه من هذه المعرفة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. اهـ

وعلى هذا، ينبغي لكل من له فضل مال أو علم أو غيرهما أن يعين غيره ممن هو أقل منه في ذلك، إلا أن هذا ليس بواجب وإنما هو من المندوبات، ولا يجب شيء من ذلك إلا إذا تعين على صاحب الفضل بذل شيء منه لدفع الضرر عن المفضول كما أوضحنا في الفتوى رقم: 75950.

وبخصوص الدعوة إلى الله تعالى فإنها فرض كفاية على مجموع الأمة، وقد تكون فرضا عينيا على كل فرد بحسب استطاعته وقدر علمه، كما سبق في الفتوى رقم: 29987.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني