السؤال
ما الحكمة من تحريم السجود لغير الله تعالى؟ مع العلم أنه ثبت أن الله أمر الملائكة بالسجود لآدم – عليه الصلاة والسلام - والله تعالى لا يأمر بمعصية؟ فهل هذا سبب كافٍ لإسقاط أحاديث تحريم سجود العبد لعبد، وأحاديث: (لعن الله اليهود والنصارى) لأنها خالفت الوحي، وكذلك قصة سجود إخوة يوسف له، وسجود الملائكة لآدم؟ وهل المنهج العلمي قائم على فهم العلة، والحكمة من التحريم دائمًا، أم أن السؤال عن الحكمة من التحريم في كل شيء منهج وسواسي؟ وهل توجد أمور حرمت في القرآن، ولم تعرف الحكمة من تحريمها؟ وإذا كان الجواب نعم، فهل يمكن ذكرها؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحكمة من تحريم السجود لغير الله، هي تحقيق توحيد الله تعالى، وأن يفرد بالألوهية سبحانه وتعالى، ولا يصح إبطال ما ثبت في شرعنا بما ذكر في قصص الأمم السابقة من سجود الملائكة، وإخوة يوسف، بل العكس هو الصحيح، فإذا جاء في شرعهم ما هو مخالف لشرعنا، فإنه يعتبر منسوخًا بشرعنا.
واعلم أن سجود العبادة لا يكون إلا لله، وقد حرم في جميع الديانات.
وأما سجود التحية: فقد كان مباحًا في شرع من قبلنا، ثم حرم في شرعنا؛ وانظر الفتوى رقم: 141499 والفتوى رقم: 126101.
وأما عن الحكمة: فالأصل في المسلم هو التسليم، والانقياد، والبعد عن المناهي الشرعية، سواء فهم الحكمة أم لا، ولكنه يجوز البحث والسؤال عن الحكمة من باب الاستفادة، والاستزادة من العلم، لا من باب التعنت والاعتراض.
ولا شك أنه ما حرم الشارع شيئًا إلا لحكمة، ولكنه لا يلزم أن يطلع الناس على الحكمة، وليست كل استنباطات العلماء في بيان الحكم الشرعية مقطوعًا بها.
وما دام السلف الصالح من الصحابة لم يحرصوا على السؤال عن حكمة كل التشريعات، ولم يخبرهم الله، ولا رسوله بذلك؛ فالذي ينبغي للمسلم هو التسليم والانقياد، ولا حرج في السؤال عن الحكمة، ولكنه ينبغي أن يعلم أنه ليس كل حكم معللًا، أو له علة ظاهرة، والحكمة العامة في جميع أحكام الشرع هي أن هذا ما قضى به الشرع، فقد روى البخاري ومسلم - واللفظ لمسلم - عن معاذة، قالت: سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحرورية أنت؟ قلت: لست بحرورية، ولكني أسأل، قالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة.
وراجع الفتوى رقم: 202051.
والله أعلم.