السؤال
اكتشفت أن زوجي يتحدث مع قريبة له، في الهاتف، كثيرا. واجهته، لم ينكر، وقال إنها مكالمات عادية، وحدث جدال بيننا انتهى بأنه قال باللفظ ليرضيني: " علي الطلاق بالثلاثة لن أتصل عليها مرة أخرى، ولن أكلمها" وبعدها بعدة أيام قابلناها في الشارع معا، واضطررنا أن نسلم عليها أنا وهو، ونكلمها؛ لأنها لا تعرف شيئا عن المشكلة.
فما الحكم في الحلف بالطلاق الذي وقع؟ كما أنها تكرر الاتصال على زوجي، ولا يرد، ولكنه يخشى أن تتصل من رقم غريب، ويرد عليها، أو أن يقابلها، وهذا وارد جدا؛ لأنهما أقارب؛ ولأننا في نفس البلد، ولن يستطيع أن يتجاهلها.
فماذا يفعل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أن الحلف بالطلاق -سواء أريد به الطلاق، أو التهديد، أو المنع، أو الحث، أو التأكيد- يقع به الطلاق عند وقوع الحنث، وأنّ الطلاق بلفظ الثلاث، يقع ثلاثاً، وهذا هو المفتى به عندنا، وبعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد، أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث، لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وعند قصد الطلاق يرى أنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة؛ وانظري الفتوى رقم: 11592
وعليه؛ فالمفتى به عندنا أن زوجك إذا حنث في يمينه، وقع طلاقك ثلاثاً، وبنت منه بينونة كبرى، لكن حنثه في يمينه يتوقف على نيته بما تلفظ به، فإن كان نوى الامتناع من الاتصال والكلام معها مطلقاً، حنث بكل كلام، أو اتصال بها، وإن كان نوى الامتناع من الاتصال، أو الكلام على وجه معين، كالكلام بغير حاجة، أو نحو ذلك، فيمينه مختصة به، ولا يحنث إذا كلمها على وجه آخر؛ لأن النية في اليمين تخصّص العام، وتعمّم الخاص.
قال ابن قدامة رحمه الله: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له، .......، والمخالف يتنوع أنواعا؛ أحدها، أن ينوي بالعام الخاص. المغني لابن قدامة.
وانظري الفتوى رقم:35891
وما دام في المسألة تفصيل، وخلاف بين أهل العلم، فالذي ننصح به أن تعرض المسألة على من تمكنكم مشافهته من أهل العلم الموثوق بهم، كما ننصح زوجك بالبعد عن الحلف بالطلاق مستقبلاً؛ فإنه من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه.
والله أعلم.