الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من حلف على فعل صلاة الشكر في مناسبات متعددة

السؤال

سؤالي بخصوص صلاة الشكر: حيث إني قد علمت من إحدى الفتاوى على موقعكم، حكم صلاة الشكر، وأنه ليس لها أصل في الدين، وعلى من أقسم على فعلها أن يكفر عن ذلك كفارة يمين. والمشكلة أني في صغري- ولم أكن أعلم بهذا الحكم- كنت قد أقسمت مرات عديدة ( تتجاوز 300 مرة) على صلاة الشكر، على نعم قد منَّ الله بها علي.
فماذا أفعل الآن حيث إني إذا كفرت عن هذه الأيمان كلها، فإن الأمر فعلا يشق علي، ولم أكن أعلم بهذا الحكم، كما أني لم أنته أصلا من هذه الصلوات بعد، برا بقسمي.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد بينا في الفتوى رقم: 236653عدم مشروعية صلاة الشكر، وأن من حلف على فعلها، لم يفعلها، ويكفر كفارة يمين.

وقولك إنك حلفت في صغرك، إن كنت تعني قبل البلوغ، فإنه لا يلزمك شيء بتلك الأيمان؛ لأن يمين الصغير غير منعقدة.

جاء في الموسوعة الفقهية: يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْيَمِينِ وَبَقَائِهَا شَرَائِطُ فِي الْحَالِفِ. ( الأْولَى ) الْبُلُوغُ . ( وَالثَّانِيَةُ ) الْعَقْل. وَهَاتَانِ شَرِيطَتَانِ فِي أَصْل الاِنْعِقَادِ، فَلاَ تَنْعَقِدُ يَمِينُ الصَّبِيِّ - وَلَوْ مُمَيِّزًا - وَلاَ الْمَجْنُونِ، وَالْمَعْتُوهِ، وَالسَّكْرَانِ - غَيْرِ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ - وَالنَّائِمِ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ؛ لأِنَّهَا تَصَرُّفُ إِيجَابٍ، وَهَؤُلاَءِ لَيْسُوا مِنْ أَهْل الإْيجَابِ، وَلاَ خِلاَفَ فِي هَاتَيْنِ الشَّرِيطَتَيْنِ إِجْمَالاً. اهــ.

وجاء فيها أيضا: وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَالْجُمْهُورُ يَرَوْنَ أَنَّ يَمِينَهُ لاَ تَنْعَقِدُ، وَأَنَّهُ لَوْ حَنِثَ - وَلَوْ بَعْدَ الْبُلُوغِ - لَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ. اهــ.

وإذا شككت في وقت اليمين هل كنت مكلفا أم لا، فلا شيء عليك؛ لأن الأصل براءة الذمة، فلا تُشغل إلا بشيء متيقن, ولا نخفيك أخي السائل أننا لمسنا من أسئلتك السابقة أنك مصاب بالوسوسة, ونخشى أن يكون هذا السؤال بسببها، والمهم أن تعلم أن الأصل براءة الذمة، فلا يكلف الإنسان بشيء ما لم يتقين بأن ذمته مشغولة به.

وأما إن حلفت وأنت مكلف، فإن يمينك منعقدة.

وقولك إنك حلفت على فعل صلاة الشكر على نعم حصلت لك. فإن كنت تعني أنك حلفت على فعلها في نعم متعددة، كأن حلفت على فعلها عند النجاح، ثم حلفت على فعلها عند الشفاء من مرض، وحلفت على فعلها عند حصول ربح ونحو ذلك، فهذه أيمان متعددة على محلوف عليه متعدد, وقد بينا في الفتوى رقم: 155637 أن الأيمان المتعددة تجب في كل واحد منها كفارة, فما بقي عليك من تلك الصلوات ولم تصلها، فكفر عن كل واحدة من تلك الأيمان. والكفارة هي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة. وما دامت الأيمان كثيرة، فإن الإطعام أسهل عليك, فتطعم عن كل كفارة عشرة مساكين, والمقدار الذي يجب دفعه للمسكين الواحد هو مد من أمداد النبي صلى الله عليه وسلم من غالب قوت البلد, وهو ما يقدر بالوزن الحالي ب:750 جراما، وقيل كيلو ونصف كما بيناه في الفتوى رقم: 134740 , وعلى القول الأول يكون الإطعام في الكفارة الواحدة بدفع سبعة كيلو ونصف, وفي كفارة ثلاثمائة يمين: ألفان ومائتان وخمسون كيلو. وإذا كانت الكسوة أخف عندك، فلك فعلها، وإذا عجزت عن التكفير بالإطعام، أو الكسوة، فلك أن تصوم ثلاثة أيام عن كل كفارة عجزت عن إعطائها إطعاما أو كسوة.

وإذا تبين لك هذا، علمت جواب قولك إنك لم تنته بعد من هذه الصلوات، وتبين لك أنك لا تطالب بصلاتها؛ لأنها غير مشروعة، وإنما تطالب بالتكفير عنها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني