السؤال
لي صديقة وقعت في مشاكل: ديون على زوجها من إيجار وغيره، وتركها أقاربها ولم يساعدوها على الرغم من مقدرتهم، وعائلتها لا يستطيعون مساعدتها إلا باليسير لعدم مقدرتهم، ومع هذا أقاربها يؤذونها، ويتجسسون عليها، ويقولون عليها الأقاويل، ويريدون أن تغلق الأبواب عليها لكي تطلب الطلاق من زوجها، وهذه رغبة أهل الزوج، فأقاربها يساعدونهم لتلبية رغبتهم (غالب الظن)، ويضيقون عليها، وهي كل ما زارتهم يسألونها: هل حصلت على مبلغ الديون، وماذا فعلت؟ وهم إن ساعدوها يساعدونها بمبلغ زهيد جدا رغم غناهم.
هل تزورهم بعد كل هذا أم تقطع الزيارة عنهم وتتواصل معهم بالهاتف، أم ماذا تفعل؟ وهل ترد عليهم إذا تكلموا وتبجحوا، فالمؤمن القوي أفضل عند الله من المؤمن الضعيف؟
أفيدوني أفادكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال فيه غموض، والذي فهمناه منه أنّ أقارب المرأة يتجسسون عليها، وهي تظن أنهم يحرضونها على طلب الطلاق من زوجها استجابة لرغبة أهل الزوج، وأنّ هؤلاء الأقارب لا يعينون المرأة على قضاء ديون زوجها إلا بقدر يسير رغم أنهم ميسورو الحال، وهي تسأل عن جواز تركها زيارتهم والاكتفاء بالاتصال بهم.
وعليه فنقول: إن كان هؤلاء الأقارب يحرضون المرأة على الطلاق بغير مسوّغ فهم آثمون، وعلى المرأة ألا تطيعهم في ذلك، فإن المرأة منهية عن طلب الطلاق من غير بأس.
وأما بخصوص إعانتهم لها على قضاء ديون زوجها، فذلك غير واجب عليهم، وإذا بذلوا لها شيئا منه، فهو من الإحسان الذي يحمدون عليه.
وعلى أية حال فإن صلة الرحم مأمور بها، وقطعها منهي عنه، وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بصلة الرحم حتى لمن يقطعها، فعَنْ عبد الله بن عمرو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. صحيح البخاري.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ. فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ. صحيح مسلم. تسفهم المل: تطعمهم الرماد الحار.
وصلة الرحم ليست مقصورة على الزيارة، ولكن تحصل بالاتصال، والمراسلة، والسلام، وبكل ما يعده العرف صلة؛ وراجعي الفتوى رقم: 40387.
فعلى المرأة صلة أرحامها بالمعروف بالوسيلة والقدر الذي لا يعود عليها بالضرر. وللفائدة راجعي قسم الاستشارات في موقعنا.
والله أعلم.