السؤال
كنت أضع مالي في حساب في بنك به فوائد ربوية، وكنت أستعملها.
فهل يجب علي الآن التصدق بقيمتها؟ ولو صرفتها هل تكون هذه الفوائد المحرمة باقية في مالي الحالي، وليست في عين المال؟
وإذا كان يجب علي صرف قيمتها الآن في مصالح المسلمين. فهل يجوز لي صرفها في شراء مصاحف وتوزيعها على فتيات غير مسلمات؟
بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما استعملت من الفوائد الربوية إن كان قبل علمك بحرمتها، فلا حرج عليك، ولا يلزمك إخراج بدل ما استهلكته منها من قبل في قول بعض المحققين؛ لأن الشارع الحكيم يفرق بين الجاهل بالحرمة والعالم بها، ولذلك لا يكاد يختلف أهل العلم في العذر بالجهل في مسائل الفروع.
قال الشيخ ابن باز: إذا كان عن جهالة فله ما سلف وأمره إلى الله؛ قال الله جل وعلا: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ. فإذا كان جاهلا فله ما سلف، أما إذا كان عالما ويتساهل، فليتصدق بالكسب الحرام، إذا كان نصف أمواله، أو ثلثها، أو ربعها كسبا حراما يتصدق به على الفقراء والمساكين، أما إذا كان جاهلا لا يعلم، ثم علم وتاب إلى الله، فله ما سلف. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين: إذا كان قد أخذه، فإن كان جهلاً منه ولا يدري أنه حرام، فإن توبته تجب ما قبلها، وهو له؛ لقوله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ. {البقرة:275}. وأما إذا أخذه وهو يعلم أنه حرام لكنه كان ضعيفاً في الدين قليل البصيرة, فهنا يتصدق به, إن شاء في بناء المساجد، وإن شاء في قضاء الديون عمن عجز عن قضائها, وإن شاء في أقاربه المحتاجين؛ لأن كل هذا خير. اهـ.
وبناء عليه؛ فلو كنت جاهلة بحرمة تلك الفوائد وقد تبت منها، وكففت عنها، فليس عليك إخراج بدل ما استهلكت منها. وأما لو كنت عالمة بحرمتها، لكن تقصيرا منك أخذتها وانتفعت بها، فعليك إخراج بدلها من مالك لتعلقها بذمتك، سواء دفعتها للفقراء والمساكين، أو المصالح العامة كالمستشفيات، والطرق أو غيرها.
وأما شراء مصاحف بها لغير المسلمات، فلا يجوز؛ لأن الأصل أن لا يعطى الكافر المصحف خشية أن يهينه، أو يعبث به؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تسافروا بالقرآن فإني لا آمن أن يناله العدو. رواه مسلم وغيره. كما أن الكافر ليس له مس المصحف، ولا يُمكَّن من ذلك.
والله أعلم.