السؤال
لدي مشكلة ولا أعرف إن كانت لها علاقة بالوسوسة أم لا، والمشكلة هي أني بعد قضاء الحاجة أنتظر انقطاع البول، فأستجمر بثلاثة محارم ورقية، ثم أستنجي بالماء، وذلك بدلك الذكر جيدًا، ولكني أتفاجأ عندما أقوم وقبل أن أتوضأ بخروج شيء بالكاد يصل إلى رأس الذكر، وهو ماء، فإذا ضغطت القضيب بعد ارتخاء عضلته خرج هذا الشيء، وهو ماء الاستنجاء - كما هو غالب على ظني – ومن ثم أرتدي ملابس داخلية جديدة غير التي خرج عليها ماء الاستنجاء بعد الاستنجاء، وقبل الشروع في الوضوء، وأقوم بالاستجمار مرة أخرى واقفًا، لأني في المرة الأولى كنت أقضي حاجتي، أما الآن فأنا أزيل أثر الماء فقط وأنا مرتاح بمنديل ورقي من على رأس القضيب, وهذا يُشكل لي إشكالًا في الوقت، فهذه العملية تأخذ مني ما يقرب من عشرين دقيقة؛ لكي أتوضأ وأنا مرتاح نفسيًا، أضف إلى ذلك أني أتوضأ وأعد مرات غسل العضو جهرًا، لكي لا يشكل عليّ العدد الصحيح، وهو التثليث, مع العلم أني في الوضوء أغسل اليدين مع المرفقين ثلاثًا، ولكني في كل مرة: أغسل رؤوس الأصابع إلى المرفقين، وأعود من المرفقين إلى رؤوس الأصابع مدلكًا، حاسبًا ذلك مرة واحدة، فهل هذا صحيح؟ وسؤالي الأخير - أعزكم الله - أني أنوي الصلاة قبل الخروج من البيت إلى المسجد، فهل يجوز في هذه الحالة ألا أتكلم شيئًا سرًّا عند إقامة الصلاة والوقوف خلف الإمام؛ لأني نويت ضمنًا وأنا في المنزل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فواضح من السؤال أنك مصاب بالوسوسة، فعليك أن تلهى عنها، وراجع الفتوى رقم: 63841، وتوابعها. ولا يُحكم بكون ماء الاستنجاء تغير بنجاسة إلا بيقين. وعلى هذا، فلا داعي لما تفعله من إعادة الاستنجاء، أو دلك الذكر، بل إذا فرغت من قضاء حاجتك فبادر بالاستنجاء، ولا تطِل المكث فوق قدر الحاجة، ولا تتكلف في أمر الاستنجاء، ولا تلتفت إلى ما يعرض لك بعده من وساوس، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 79705.
وأما عد المرات بصوت مرتفع، فقد رخص فيه بعض العلماء للموسوس، ومما يدل على ذلك ما رواه ابن أبي شيبة عَنِ الرُّكَيْنِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ، وَهِيَ تُصَلِّي وَهِيَ عَجُوزٌ، وَامْرَأَةٌ تَقُولُ لَهَا: ارْكَعِي وَاسْجُدِي. وقد بوب عليه: مَنْ كَانَ يَقْعُدُ خَلْفَهُ رَجُلٌ يَحْفَظُ صَلَاتَهُ، ونقله عن عمر، وابن الزبير أيضًا. فهذا من اتخاذ وسيلة لحفظ العبادة؛ لمن كثر نسيانه. وإن كنا لا نراه سبيلًا للعلاج، وإنما العلاج أن تلهى عن الوسواس، وراجع الفتوى رقم: 172599.
وإذا عمت الغسلة من الأصابع إلى المرفقين كانت واحدة، والدلك المشروع يكون مع الغسلة، لا مستقلًا عنها، كما بينا في الفتوى رقم: 138645. وعليه، فالدلك إنما يكون حال غسلك اليد إلى الأصابع، لا بعد إتمام غسلها.
وأمر النية أمر يسير - والحمد لله - فما هو إلا أن يقصد العبد بقلبه العبادة التي يريد فعلها؛ ولذلك الغالب أنك تنوي بقلبك يوميًا، وأنت في الصف؛ فأنت مستحضر أنك ستصلي، ولا بأس أن تتقدم النية على العبادة بالزمن اليسير، فلا يشترط مقارنة النية لأول العبادة عند كثير من العلماء، ومن العلماء من جوز تقدم النية على العبادة، ولو بالزمن الطويل، ما لم يصرف العبد نيته إلى غير تلك العبادة، وهذا مفصل في الفتوى رقم: 132505.
وما دمت موسوسًا فللموسوس أن يأخذ بأخف الأقوال؛ حتى يعافيه الله تعالى، كما بينا في الفتوى رقم: 181305. وقد بينا في الفتوى رقم: 141777، وغيرها، عدم مشروعية التلفظ بالنية، ولو سرًّا. نسأل الله أن يعافيك من الوسوسة، وننصحك بملازمة الدعاء، والتضرع، وأن تلهى عن هذه الوساوس، ونوصيك بمراجعة طبيب نفسي ثقة، ويمكنك مراجعة قسم الاستشارات من موقعنا، وراجع الفتوى رقم: 3086، والفتوى رقم: 147101، وتوابعها.
والله أعلم.