السؤال
تقولون سيادتكم أن ينظر الخاطب إلى مخطوبته بدون شهوة في الرؤية الشرعية، وتقولون قد ينظر الطبيب إلى المريضة، والقاضي إلى المتهمة. فكيف سيتحكم الشخص في نفسه، فهو وإن لم يظهر أمام الناس أنه يشتهي الأنثى، فهو بينه وبين نفسه ومن داخله حيث إنه رجل فإنه سوف يشتهي من ينظر إليها؟ وهل الشهوة التي تقصدونها هي الشهوة الجنسية البهيمية، أم مجرد التعلق القلبي ولو كان خاليا من الشهوة الجنسية؟
أرجو التوضيح.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن التفريق بين الشهوة وعدمها، ذكره أهل العلم عند كلامهم في أمر النظر، وهذا يدل على أن النظر بغير شهوة ممكن وواقعي، فلا يستغرب مثل هذا. وراجع الفتوى رقم: 235765 ففيها كلامهم عن أحكام النظر.
والمقصود بالشهوة الاستمتاع والتلذذ بالنظر، فمن وجد ذلك ولو كان مرخصا له النظر ابتداء بغير شهوة، وجب عليه أن يتقي الله ويكف بصره، فمثله مخاطب بمثل قول الله تعالى: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ {غافر:19}، وقوله: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ {البقرة:235}. والتعلق القلبي هو نفسه نوع من الشهوة، كما أفدناك بذلك في فتوى سابقة، وهو يقود إلى ما بعده، وقد ورد في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه.
قال المناوي في فيض القدير: ( والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه) أي بالإتيان بما هو المقصود من ذلك، أو بالترك، أو بالكف عنه. ولما كانت المقدمات من حيث كونها طلائع، وأمارات تؤذن بوقوع ما هي وسيلة إليه، تشابه المواعيد والأخبار عن الأمور المتوقعة، سمى ترتب المقصود عليها الذي هو كالمدلول لها، وعدم ترتبه صدقا وكذبا. اهـ.
والله أعلم.