الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فجوابنا على سؤالك يتلخص فيما يلي:
1) الدعاء الذي يدعو به الإمام في صلاة الصبح يسمى دعاء القنوت, وهو غير قنوت النوازل, وقد ذهب جمع من الفقهاء إلى مشروعية القنوت في الركعة الثانية من صلاة الفجر؛ كما هو مذهب الشافعية، والمالكية, واستدلوا على مذهبهم بأدلة كثيرة كحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا. والحديث صححه جماعة، وضعفه آخرون؛ وانظر الفتوى رقم: 18064 .
وذهب بعض أهل العلم إلى عدم مشروعية القنوت في الفجر؛ كما هو قول الحنابلة، والحنفية. فالمسألة خلافية وهي من المسائل التي انتشر الخلاف فيها، وكثر فيها الاحتجاج من العلماء ما بين مثبت وناف، والعلماء جميعا متفقون على صحة الصلاة في كلا الحالين سواء قنت أو لم يقنت، وإنما تنازعهم في الأفضل من ذلك والأولى.
وعلى فرض أنك تقلد من يرى عدم مشروعية هذا القنوت، فإنك إذا صليت وراء إمام يقنت، فإنك تقنت معه، وتؤمن على دعائه متابعة للإمام.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وَلِهَذَا يَنْبَغِي لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَتْبَعَ إمَامَهُ فِيمَا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ، فَإِذَا قَنَتَ، قَنَتَ مَعَهُ، وَإِنْ تَرَكَ الْقُنُوتَ لَمْ يَقْنُتْ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» وَقَالَ: «لَا تَخْتَلِفُوا عَلَى أَئِمَّتِكُمْ». وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: «يُصَلُّونَ لَكُمْ، فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ، وَلَهُمْ، وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ، وَعَلَيْهِمْ» . أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ قَرَأَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ بِسُورَةٍ مَعَ الْفَاتِحَةِ وَطَوَّلَهُمَا عَلَى الْأُولَيَيْنِ: لَوَجَبَتْ مُتَابَعَتُهُ فِي ذَلِكَ. اهــ.
وجاء في مجموع فتاوى ابن عثيمين - رحمه الله تعالى- عمن يصلي خلف إمام يقنت في الفجر. هل يتابعه فيرفع يديه ويؤمن معه أم لا؟
قال رحمه الله تعالى: الجواب أن نقول: بل يؤمن على دعاء الإمام، ويرفع يديه تبعاً للإمام خوفاً من المخالفة. وقد نص الإمام أحمد - رحمه الله - على أن الرجل إذا ائتم برجل يقنت في صلاة الفجر، فإنه يتابعه ويؤمن على دعائه، مع أن الإمام أحمد - رحمه الله - لا يرى مشروعية القنوت في صلاة الفجر في المشهور عنه، لكنه - رحمه الله - رخص في ذلك؛ أي في متابعة الإمام الذي يقنت في صلاة الفجر، خوفاً من الخلاف الذي قد يحدث معه اختلاف القلوب، وهذا هو الذي جاء عن الصحابة - رضي الله عنهم - فإن أمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه - في آخر خلافته كان يتم الصلاة في منى في الحج، فأنكر عليه من أنكر من الصحابة، لكنهم كانوا يتابعونه، ويتمون الصلاة. اهــ.
2) لا ينبغي أن يقتصر على صلاتين فقط في المسجد، ويهجر في ثلاث منها حتى لو كان العدد قليلا, بل ينبغي للمسلمين في تلك البلدة أن يحرصوا على أداء الصلوات الخمس في المسجد عمارة له, وفضل الصلاة في المسجد ليس منحصرًا في ثواب الجماعة، بل هناك فضائل أخرى, بل يرى بعض العلماء الموجبين لصلاة الجماعة في المسجد أنه يجب عليه أن يذهب للمسجد، ولو صلى وحده؛ وانظر للأهمية الفتوى رقم: 242812 عن المفاضلة بين الصلاة في مسجد لا يصلي فيه أحد، والجماعة في غيره.
3) لا بأس بإقامة حلقة لتلاوة القرآن يوميا, وهذا من الاجتماع على تلاوة كتاب الله تعالى وتدارسه, وهو مشروع, وانظر للأهمية الفتوى رقم: 47704 , والفتوى رقم: 180887 عن الاجتماع في المسجد لقراءة القرآن.
4) ولا بأس أيضا بالدعاء بعد الانتهاء من التلاوة إذا لم يتخذوا ذلك عادة، بأن يفعلوه في بعض الأيام ويتركوه في بعضها، أما اتخاذه عادة، وسنة راتبة، فهذا ربما دخل في حيز البدعة المحدثة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الاجتماع على القراءة، والذكر، والدعاء حسن إذا لم يتخذ سنة راتبة، ولا اقترن به منكر من بدعة. اهــ.
وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله: هل يكره أن يجتمع القوم يدعون الله ويرفعون أيديهم؟
قال: ما أكرهه للإخوان إذا لم يجتمعوا على عمد إلا أن يكثروا. اهــ . قال ابن منصور: يعني يتخذوه عادة.
5) الصلاة في البنطال إذا كان واسعا لا بأس به, وإن كان ضيقا فإنها تكره, وقد فصلنا في هذا بما يغني عن الإعادة هنا في عدة فتاوى، كالفتوى رقم: 132031 عن لبس الرجل البنطلون في بلاد الغرب والصلاة فيه, وأيضا الفتوى رقم: 231160 .
وأخيرا نوصيك بالحرص على أداء الصلاة مع أولئك الجماعة, والتواصي بينكم بالحق، وإبداء النصح برفق ولين وحكمة؛ فإنكم في بلاد الغرب أحوج ما تكونون لهذا, ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للحق، ويجمعنا عليه.
والله أعلم.