الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرح بالشفاء من أمراض القلب فضل الله

السؤال

أخشى أن أنسى نفسي بعد الشفاء من أمراض القلوب، وينشرح صدري، وأفرح بذلك، فتدخل قلبي من جديد.
فما حل هذا؟
وعندما أكون منشغلا في شيء، ولا أذكر الله، ينتابني وسواس لا أستطيع التخلص منه.
ما علاجه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنه لا حرج على الإنسان، ولا يلحقه الذم، إذا فرح بشفائه من أمراض القلوب، أو بقبول توبته إلى الله تعالى.

فقد قال ابن القيم في بدائع الفوائد: الفرح: لذة تقع في القلب بإدراك المحبوب، ونيل المشتهى، فيتولد من إدراكه حالة تسمى الفرح والسرور.. ولا شيء أحق أن يفرح العبد به من فضل الله ورحمته، التي تتضمن الموعظة، وشفاء الصدور من أدوائها بالهدى، والرحمة.. انتهى.
وإذا عادت الأمراض من جديد، فتجب التوبة منها، والسعي في تطهير القلب منها، فمن طبيعة بني آدم ارتكاب الخطايا والزلات، وخير الناس من إذا أحدث ذنبا أتبعه بتوبة؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. رواه الترمذي.

وقد ذكر أهل العلم أن توبة التائب لا يبطلها رجوعه للذنب بعد التوبة منه، إذا كانت قد استوفت شروطها، ومن أهم هذه الشروط أن لا يكون وقت التوبة عازمًا على العود للذنب ولو بعد حين؛ فإن الله تعالى يتقبل توبة من تاب إليه بصدق؛ كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ {الشورى : 25 } وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53 }.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل قال: أذنب عبد ذنبًا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي, فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي, فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا، فعلم أن له ربًا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي, فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.

قال النووي: معناه: ما دمت تذنب ثم تتوب، غفرت لك. اهـ.

وأما موضوع الوسوسة، فعلاجه هو الإعراض الكلي، وصرف الذهن عنها، والاستعاذة بالله من الشيطان، وشغل العبد وقته وطاقته بما تيسر من التعلم، والدعوة إلى الله تعالى، وخدمة الأهل، والمجتمع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني