السؤال
جزاكم الله عنا كل خير لما تبذلونه من جهود لخدمة الإسلام.
أقرضت شخصًا مبلغًا من المال منذ عام ونصف، على أن يرده لي بعد أن يبيع قطعة أرض له، واليوم هذا الشخص يماطل في بيع أرضه بدعوى انتظار عرض ثمن مناسب. فهل يجوز لي أخذ جزء من أرضه تعويضًا للقرض، أم يعتبر ذلك من الربا؟ مع العلم أن أخذ الأرض سيترتب عليه مصاريف تسجيل سأضطر إلى تحملها؟ وهل إذا كان ذلك جائزًا يتم تقويم ثمن الأرض اليوم أو قبل عام ونصف، حيث كان الثمن أهم؟
وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في مطالبة صاحبك بسداد القرض إليك إن كان موسرًا ولو لم يبع أرضه، فإن الجمهور يجعلون للمقرض الحق في المطالبة بالقرض في أي وقت ولو كان مؤجلاً.
قال ابن قدامة في الكافي: وإن شرط فيه الأجل، لم يتأجل، ووقع حالاً؛ لأن التأجيل في الحال عدة وتبرع، فلا يلزم، كتأجيل العارية. ولو أقرضه تفاريق، ثم طالبه به جملة، لزم المقترض ذلك لما قلناه. اهـ.
وفي الموسوعة الفقهية: اختلف العلماء في جواز اشتراط تأجيل القرض: فيرى جمهور الفقهاء أنه يجوز للمقرض المطالبة ببدله في الحال، وأنه لو اشترط فيه التأجيل لم يتأجل، وكان حالا، وبهذا قال الحنفية والشافعية والحنابلة والحارث العكلي والأوزاعي وابن المنذر. وذلك لأنه سبب يوجب رد المثل في المثليات، فأوجبه حالا، كالإتلاف، ولو أقرضه بتفاريق، ثم طالبه بها جملة فله ذلك؛ لأن الجميع حال، فأشبه ما لو باعه بيوعًا حالة، ثم طالبه بثمنها جملة؛ ولأن الحق يثبت حالا، والتأجيل تبرع منه ووعد، فلا يلزم الوفاء به، كما لو أعاره شيئًا، وهذا لا يقع عليه اسم الشرط، ولو سمي شرطًا، فلا يدخل في حديث: المؤمنون عند شروطهم. اهـ.
وانظر الفتوى: 148515.
وإن اتفقتما على أن يعطيك بعض الأرض في دينك، فلا حرج في ذلك، والعبرة في قيمة ما يعطيك بما تتفقان عليه، وليس قيمتها يوم أخذ القرض، فلا علاقة للقرض بقيمة الأرض. إلا أن يرضى صاحبها بأن يعطيكها بقيمة أقل من سعر السوق، فلا حرج.
وأما مصاريف تسجيل الأرض ونحوها، فلا علاقة لصاحبك بها، بل أنت تتحمل ذلك كله إلا أن يفعله هو تبرعًا منه، لكن لا يلزمك قبول جزء من الأرض في دينك إن لم تشأ ذلك.
والله أعلم.