السؤال
قبل فترة أحببت بنت عمتي، وتواصلنا عن طريق الرسائل فقط لا غير، وأنا أحبها، وهي تحبني، وتقدمت لأخطبها من أهلها، فقالوا: إننا لازلنا صغارًا على الزواج، بالرغم من أننا تجاوزنا ال 22! وتقول عمتي: لو أصبحتما في سن الزواج المناسب، وكان لكما نصيب سيجمعكما الله، والآن تركنا بعضا لأجل الله؛ ليعوضنا في المستقبل ما هو أجمل مما نعيشه الآن من علاقة حب، ولكن أصبح الحزن يتملكني، وأريد أن أطمئن عليها، فهل يجوز لي الاطمئنان عليها أو ماذا أفعل؟ أفيدوني - جزاكم الله خيرًا -.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت صاحب دين وخلق، فلم يكن لعمتك رفض إنكاحك ابنتها، ولا لأوليائها عضلها؛ لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون دينه، وخلقه، فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد كبير. رواه الترمذي بسند حسن. وقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: لم ُير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.
قال المناوي في فيض القدير بعد ذكره لهذا الحديث: إذا نظر رجل لأجنبية، وأخذت بمجامع قلبه، فنكاحها يورثه مزيد المحبة، كذا ذكر الطيبي، وأفصح منه قول بعض الأكابر: المراد أن أعظم الأدوية التي يعالج بها العشق النكاح، فهو علاجه الذي لا يعدل عنه لغيره ما وجد إليه سبيلًا. اهـ.
فإن كنت قادرًا على مؤنة النكاح، فننصحك ألا تألو جهدًا في إقناع عمتك، وولي البنت برغبتك في نكاح كريمتهم، وتذكيرهم بوصية النبي صلى الله عليه وسلم.
ومع ذلك فما لم تعقد نكاحك عليها، فلا بد أن تعلم أن علاقتك بها كعلاقتك بسائر النساء الأجنبيات في حرمة النظر، والمس، والخلوة، والحديث لغير حاجة، فخيرًا صنعت إذ قطعت علاقة الحب بها لوجه الله تعالى، وقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا لِلَّهِ إِلَّا بَدَّلَكَ اللهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ. رواه أحمد، وصحح إسناده الألباني، وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً [ الطلاق :2 ـ 3] .
واعلم أن ما ذكرت أنه أصبح يتملكك من الحزن، والحرص على الاطمئنان عليها، إنما هو من كيد الشيطان يريد أن يفسد عليك دينك، وصبرك، ومجاهدتك له، فلا تطعه في شيء من ذلك.
والله أعلم.