الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يتعامل الابن مع والده الذي يمنعه من الصلاة ويتشاجر معه

السؤال

كلما صليت جاء أبي وأفسد علي صلاتي، أنا أتناول حبوبا؛ فأنا مريض بالصرع والعصبية. أبي يتشاجر معي، ثم أندم، وأسامحه.
المشكلة أن أبي ظلمني عدة مرات. لا أعرف ماذا أفعل؟ أريد أن أكون بارا، وفي نفس الوقت أكون ملتزما فـي صلاتي. كنت أريد أن أقاطعه ولكن عرفت أن ذلك لا يجوز، وأنا الآن بين نارين: نار أبي، ونار الآخـرة.
أطلب منكم المساعدة. هل من الممكن أن تحلوا مشكلتي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فسؤالك فيه بعض الغموض، وسنجيبك حسب ما فهمنا منه فنقول: إن كان أبوك يحاول أن يمنعك صلاة الفريضة، فهذا منكر منه، لا تجوز لك طاعته فيه؛ إذ لا طاعة لمخلوق - ولو كان الوالد - في معصية الله عز وجل. روى البخاري ومسلم عن علي- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف.

وفي صلاة النافلة يقدم بر الوالدين في الطاعة عند التعارض؛ وراجع الفتوى رقم: 189679.

ونوصيك بالصبر على أي تعامل قاس قد يحدث معك من أبيك، وعليك بالاجتهاد في ذلك، والحذر من أن تقابل إساءته بإساءة مثلها، فحقه في البر لا يسقط عنك بحال، وأدنى إساءة إليه توقعك في العقوق. وانظر الفتوى رقم: 3459. وكما علمت، فإن هجر الوالدين لا يجوز، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 22420.

واحرص على أن تجعل برك بوالدك طريقا لك إلى الآخرة، والفوز برضا الله تبارك وتعالى ودخول جنته؛ روى ابن ماجة حديثا ضعفه بعض أهل العلم - ومعناه حسن - عن أبي أمامة- رضي الله عنه- أن رجلا قال: يا رسول الله: ما حق الوالدين على ولدهما؟ قال: هما جنتك ونارك.

قال العلماء في بيان معنى الحديث : [ هما جنتك ] أي سبب لدخولك الجنة إن أطعتهما، فيما يحل فيه طاعتهما . [ ونارك ] أي سبب لدخولك في النار إن عصيتهما فيما ينبغي طاعتهما فيه. اهـ
ونوصيك بالحرص أيضا على الرقية الشرعية، بالإضافة إلى ما تتناول من علاج، فالرقية نافعة من كل مرض بإذن الله تعالى.

وراجع فيها الفتوى رقم: 4310 ، واحذر الغضب، واجتهد في علاجه إذا وقع، وراجع في علاج الغضب الفتوى رقم: 8038.

نسأل الله لنا ولك السلامة والعافية من كل بلاء، ونرجو أن يوفقنا إلى كل ما فيه رضاه، وأن يجعلنا من ورثة الفردوس الأعلى بفضله، ومنه، وكرمه؛ إنه نعم المولى ونعم النصير.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني