السؤال
هل يأثم من يبحث عن رخصة شرعية في فعل شيء يرضي شهوته؟ أي إذا بحث في فتاوى العلماء، ووجد قولًا من عالم معتبر، وقرأ أيضًا ما رُد عليه به، ووجد نفسه مقتنعًا بالرأي الأول، والرأي الأول له أدلة مبنية على صواب، وليس على ما هو ضعيف ونحوه، فهل يأثم أم لا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فبداية لا بد من العلم أن الرخص نوعان:
الأول: رخص شرعية، ثابتة بالكتاب أو السنة، كالقصر، والجمع في السفر، وأكل الميتة عند الاضطرار، فهذه يستحب الأخذ بها إذا وجد سببها، وقد يجب.
والثاني: رخص المذاهب الفقهية، وهي فتوى عالم بالجواز في مسألة خلافية، قال غيره فيها بالمنع والحظر.
وتتبع مثل هذه الرخص أخذًا بالأيسر مطلقًا، دون مرجح شرعي، ودون تقليد العامي لمن يظنه الأعلم، بل على سبيل التشهي، واتباع الهوى ـ منكر لا يجوز، وحكى ابن عبد البر، وابن حزم الإجماع على ذلك، وانظر الفتوى رقم: 4145.
وأما الأخذ بالرخص، والتلفيق بين المذاهب اجتهادًا، وترجيحًا، أو تقليدًا من العامي لمن يعتقده الأعلم، والأوثق من العلماء، فلا حرج فيه، وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتوى رقم: 37716، وما أحيل عليه فيها.
وكذلك من أخذ ببعض الرخص للحاجة، والمشقة، فهذا غير داخل في الذم، كما بيناه في الفتوى رقم: 134759.
وكذا من أخذ بالأيسر حيث اشتبه عليه الحكم، فإن كان مجتهدًا، ولم يترجح لديه قول لقوة الأدلة، وتكافئها، فإن العلماء اختلفوا في الواجب عليه، ومنهم من رأى أنه يأخذ بالأيسر؛ لأن الدين مبني على التيسير، والله ما جعل علينا في الدين من حرج، وليس هذا تتبعًا للرخص؛ لأنه إنما أخذ بالأيسر حين خفاء الدليل، وكذا العامي إذا سأل علماء يثق بهم، فاختلفوا عليه في الفتوى، ولم يكن أحدهم عنده أوثق من الآخر، فاتباعه للأيسر في هذه الحال ليس تتبعًا للرخص، وفي هذه المسألة خلاف وأقوال انظرها في الفتوى رقم: 169801.
والله أعلم.