الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اللامبالاة بالذنب بين الإثم وعدمه

السؤال

هل يأثم من لا يشعر بالذنب؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فعدم الشعور بالذنب إن كان بسبب الجهل بأن ذلك ذنب، فإنه لا إثم مع الجَهلِ الذي يُعذر فيه صاحبه، فمن أذنب ذنبا جاهلا أنه ذنب، جهلا يعذر به، لم يأثم كحديث عهد بالإسلام إذا شرب الخمر جهلا بحرمتها، فإنه لا يشعر بذنبه لجهله بالحكم، فهو لا يأثم.
وإن كان عدم الشعور بالذنب مع العلم بأنه ذنب، فهذا يعتبر من استصغار الذنب، وهو في ذاته كبيرة من الكبائر.

قال صاحب بريقة محمودية: اعْلَمْ أَنَّ الصَّغِيرَةَ كَبِيرَةٌ بِأَسْبَابٍ مِنْهَا: الْإِصْرَارُ، وَمِنْهَا اسْتِصْغَارُ الذَّنْبِ ... اهــ.
كما أن استصغار الذنب، وعدم استعظامه أمارة على مرض القلب وربما على نفاقه، وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: والمنافق يرى ذنبه كذباب وقع على أنفه فطار. رواه ابن أبي شيبة في المصنف.
وأيضا عدم الشعور بالذنب يحول دون التوبة، وهي واجبة، ومن شرطها الندم، وكيف يندم من لم يبال بذنبه؟! بل عدم ندمه يعد رضا منه بذلك الذنب، فيأثم من هذه الجهة أيضا.

قال ابن القيم رحمه الله: فَأَمَّا النَّدَمُ: فَإِنَّهُ لَا تَتَحَقَّقُ التَّوْبَةُ إِلَّا بِهِ، إِذْ مَنْ لَمْ يَنْدَمْ عَلَى الْقَبِيحِ، فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ بِهِ، وَإِصْرَارِهِ عَلَيْهِ، وَفِي الْمُسْنَدِ: النَّدَمُ تَوْبَةٌ. اهــ.
فالواجب على العبد إذا وقع في الذنب أن يتقي الله تعالى، وينظر إلى عظم من عصاه وهو الله، وأن لا يستخف بذنبه فيصير كبيرة بالاستخفاف؛ وانظر الفتوى رقم: 117260 حول الكف عن الذنب وعدم الاستهانة به مهما كان صغيرا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني