السؤال
كنت أتصفح فتاواكم بخصوص البطاقات الائتمانية، واتضح لي أنكم لا تجيزون استعمال البطاقات التي تحمل شرطا ربويا إلا للضرورة، وحقيقة هنا في الولايات المتحدة تعتبر البطاقة الائتمانية ضرورة ملحة، حيث إنه في معظم الحالات لا يمكن للشخص أن يستأجر بيتا دون أن يكون عنده رصيد ائتماني قوي، وهذا لا يمكن بناؤه إلا من خلال بطاقة ائتمانية، وتقوم بتسديد الدفعات، والرصيد الائتماني يعكس التزام الشخص بدفع الالتزمات من إيجار وغيره هنا في هذا البلد، وبالنسبة لي فأنا لا أتأخر عن فترة السداد، حيث لا أصرف منها إلا بمقدار ما أملكه في حسابي الجاري، حيث أقوم بدفع الفواتير من خلالها، وأقوم بسحب المبلغ من حسابي الجاري وأدفعه للبنك المصدر للبطاقة الائتمانية في وقت السداد حتى أضمن أن لا تحسب علي فوائد التأخير، فبعد ما علمتم الواقع الذي نعيشه هنا وامتلاكي لهذه البطاقة مع تجنبي القوع في الربا، فهل يجوز الأكل من الطعام الذي تم شراؤه بهذه البطاقة؟ أم إنه طعام من مال حرام وينبت جسدا النار أولى به؟ لأنني قرأت فتويين في موقعكم، الأولى تحرم الطعام المشترى بها، والثانية لا تحرمه، لأن القرض دخل في ذمة المدين، والإثم هو للرب؟ مع التأكيد على أنني أسدد في فترة السداد وأتجنب الفوائد الربوية، فهل تجوز الاستفادة من نقاط هذه البطاقة كخصومات السفر وتحويل النقاط إلى أموال يتم سحبها وغيرها من هذه الميزات؟ وهل يجوز استصدار أكثر من بطاقة للاستفادة من ميزاتها إذا تم الحرص من الوقوع في الربا؟.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من الحاجة إلى اقتناء البطاقات الائتمانية في تلك البلاد هو ما أشار إليه مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا في دورته الخامسة المنعقدة بالمنامة ـ مملكة البحرين ـ في الفترة من: 14ـ 17 ـ من شهر ذي القعدة 1428، الموافق 24ـ 27 من شهر نوفمبر 2007ـ فقد أكد المجمع على أهمية بطاقات الائتمان، وأنها صارت من الحاجات التي لا يكاد يستغنى عنها في واقعنا المعاصر، وذكر أن بطاقات الائتمان نوعان:
الأول: بطاقات الائتمان المغطاة برصيد نقدي لحاملها، ويستحق مصدرها أجرة معلومة مقابل إصدارها، وهي أداة وفاء جائزة شرعا، لأن العوض الذي يترتب على التعامل بها يسدد من أرصدة حامليها، لذا يجوز التعامل بهذه البطاقات، كما يجوز استصناعها والعمل في الشركات التي تصدرها أو تقوم على تسويقها.
الثاني: بطاقات الائتمان غير المغطاة برصيد نقدي لحاملها، وهي ثلاثة أنواع:
النوع الأول: بطاقة ائتمان تصدر مقابل أجرة معلومة، وهي وسيلة شراء في الذمة ـ بالدين ـ مع تحديد طريقة معينة للسداد دون ترتيب فائدة على التأخر في السداد، وهذه البطاقات تصدرها المؤسسات المصرفية الإسلامية، ولا وجود لمؤسساتها فيما نعلم خارج ديار الإسلام، وهي جائزة شرعا، فيجوز التعامل بها، كما يجوز استصناعها واستصدارها والعمل في الشركات التي تصدرها أو تسوقها.
النوع الثاني: بطاقات الائتمان الربوية، وهي وسيلة شراء في الذمة ـ بالدين ـ مع ترتيب فائدة على الدين، وهي محرمة شرعا، فلا يجوز استصناعها ولا استصدارها، ولا العمل في الشركات التي تصدرها أو تسوقها.
النوع الثالث: بطاقات تعطي حاملها مهلة محددة من غير فائدة ربوية، فإن تأخر عن السداد بعد مضي هذه المهلة ترتب عليه هذه الفائدة، وهي غير جائزة، لما تتضمنه من شرط فاسد، فلا يجوز استصناعها ولا استصدارها، ولا العمل في الشركات التي تصدرها أو تسوقها.
ويرخص لأصحاب الحاجات في التعامل بالقسم الثالث عند مسيس الحاجة وعموم البلوى وانعدام البديل، مع وجوب العزم على السداد قبل مضي الأجل وترتب الفائدة عليه، وغلبة الظن على تحقق القدرة على ذلك.
وعلى هذا، فما دمت صاحب حاجة، فلا حرج عليك في اقتنائها لدفع تلك الحاجة مع العزم على المبادرة على السداد قبل ترتب فوائد ربوية بسبب التأخير، وما اشتريته بها من طعام أو لباس أو منافع لا حرج عليك في الانتفاع به، وللفائدة انظر الفتوى ر قم: 170283.
والله أعلم.