السؤال
الكثير في مساجدنا أن الإمام لا يأتي للمسجد، ويؤم القوم شخص منهم، وسواء أمهم الإمام أو شخص منهم أجد الآتي:1ـ إمام يقرأ الفاتحة على نفسين أو ثلاثة، والذي ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقف على رأس كل آية. 2ـ أجد الإمام مسرعًا في القراءة الجهرية، وبخاصة قراءة الفاتحة، وأحيانًا السورة التي بعد الفاتحة؛ مما يجعله لا يخرج الحروف من مخارجها، أو يأكلها، فلا تخرج أصلًا مثل حرف الميم في غير المغضوب عليهم ولا الضالين، وكذا السرعة في الأركان، كالركوع، والرفع منه، والسجود، والرفع منه، والتشهد الأخير.3ـ كثيرًا ما يهتم الإمام بقراءة السورة التي بعد الفاتحة، ويتغنى فيها، ويترك الركن وهو الفاتحة، ويقرؤها بسرعة، وتزيد السرعة في قراءة الفاتحة في الركعتين السريتين، فإذا تركت صلاة الجماعة وصليت في بيتي فهل عليَّ إثم؟ علمًا أنني لا يحدث لي إشباع إذا صليت مع هؤلاء المتسرعين، وإذا قدر لي أن أكون إمامًا فتجد بعض القوم يقول باللفظ الواحد: "من أم فليخفف، أنت تقرأ سورة البقرة في الركعة" علمًا أن الذي قرأته هو سورة الضحى أو سورة الشرح.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجماعة واجبة على الرجال البالغين في أصح أقوال أهل العلم، ولم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم للأعمى في التخلف عن الجماعة إذا كان يسمع النداء، وقال له: فأجب، فإني لا أجد لك رخصة. أخرجه مسلم.
وهَمّ صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوت المتخلفين عن الجماعة، كما هو ثابت في الصحيحين، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: من سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظ على هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ سُنَنَ الْهُدَى، وَمَا مِنْكُمْ إِلَّا وَلَهُ مَسْجِدٌ فِي بَيْتِهِ، وَلَوْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ، كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ، لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومٌ نِفَاقُهُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ الرجل يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف.
واختلف هل تجب في المسجد أم تصح الجماعة في كل مكان ويسقط الواجب بذلك -وهذا ما نفتي به- كما في الفتوى رقم: 128394.
إلا أن ترك هذه الفضيلة العظيمة مما لا يليق بالمسلم الحريص على الأجر، ثم إن كان الإمام يترك شيئًا من السنة كأن كان لا يقف على رؤوس الآي، ونحو ذلك، فليس هذا مسوغًا لترك الصلاة معه في الجماعة.
وأما إن كان الإمام يسرع في الصلاة سرعة تمنع الاقتداء به، أو كان يلحن لحنًا يحيل المعنى في الفاتحة، فإنه لا يصلى خلفه، ولبيان ضابط اللحن المحيل للمعنى انظر الفتوى رقم: 113626.
وأما الصلاة خلف من يسرع في صلاته: فتنظر لتفصيل القول فيها الفتوى رقم: 121030.
وعليه، فإن كان هؤلاء الأئمة ممن تصح صلاتهم، ويمكن الاقتداء بهم، فلا ينبغي لك بحال ترك الجماعة معهم، وإن كان الاقتداء بالإمام غير ممكن لإسراعه سرعة تمنع الاقتداء أو كان الإمام يلحن لحنًا يحيل المعنى، فلتبحث عن مسجد آخر تصلي فيه لتحصيل الفضيلة العظيمة.
وإذا صليت أنت إمامًا فخفف، واقتد بأضعف القوم، ولسنا نتصور أنك تقرأ سورة الضحى أو الشرح ثم ينكر عليك، إلا أن تكون تمطط القراءة، أو تكرر الآيات بصورة تشق على الناس.
وعلى كل حال، فإذا أممت الناس، فخفف امتثالًا لوصية النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا صليت لنفسك فطول ما شئت.
والله أعلم.