الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توبة ساب الصحابة وتارك الصلاة

السؤال

شخص مصاب بالوسواس، وسب الصحابة والمشايخ متعمدًا، وهو لا يصلي، ويريد أن يتوب من هذا الفعل، فهل عليه أن ينطق بالشهادتين ويغتسل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن ترك الصلاة، وسب الصحابة من أكبر المنكرات، ومن أعظم الآثام، فإن سب الصحابة انتقاص لمن رفع الله قدرهم، وأعلى شأنهم، ومدحهم في كتابه بأحسن المحامد، وكذلك مدحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الطعن فيهم، وسبهم تكذيب لله ورسوله، بل وطعن في دين الله تعالى؛ لأنهم هم الذين نقلوا إلينا هذا الدين، روى الحافظ المزي في كتابه تهذيب الكمال، وأبو القاسم الشافعي في كتابه تاريخ مدينة دمشق عن أبي جعفر التستري قال: سمعت أبا زرعة الرازي يقول: إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح أولى بهم وهم زنادقة.

وقال ابن القيم في كتاب الصلاة: لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدًا من أعظم الذنوب، وأكبر الكبائر، وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس، وأخذ الأموال، ومن إثم الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وأنه متعرض لعقوبة الله وسخطه، وخزيه في الدنيا والآخرة. انتهى.

ولمزيد الفائدة في فضائل الصحابة انظر الفتوى رقم: 2429، ولمعرفة حكم من سب الصحابة وتوبته راجع في ذلك الفتوى رقم: 36106، والفتوى رقم: 56164، والفتوى رقم: 129741، والفتوى رقم: 96197.

وأما عن التوبة من هذا الأمر فواجبة، وتوبة تارك الصلاة تكون بالقيام بالصلاة على الأصح؛ لأن كفره بالامتناع منها فحصلت توبته بها، وقيل يأتي بالشهادتين كما قال البهوتي في كشاف القناع: (فإن تاب) من ترك الصلاة تهاونًا وكسلًا (بفعلها) أي بفعل الصلاة خلي سبيله، نقل صالح توبته أن يصلي لأن كفره بالامتناع منها فحصلت توبته بها، بخلاف جاحدها، فإن توبته إقراره بما جحده، مع الشهادتين، كما يعلم مما يأتي في باب المرتد. اهـ

وقال ابن مفلح في النكت والفوائد السنية: قال الشيخ تقي الدين: الأصوب أنه يصير مسلمًا بنفس الصلاة من غير احتياج إلى إعادة الشهادتين؛ لأن هذا كفره بالامتناع من العمل، ككفر إبليس بترك السجود، وكفر تارك الزكاة بمنعها، والمقاتلة عليها، لا بكفره بسكوت، فإذا عمل صار مسلمًا، كما أن المكذب إذا صدق صار مسلمًا، ومثل هذا الكافر تصح صلاته، كما أن المكذب تصح شهادته، فإن صلاته هي توبته من الكفر.

أما تصييره مسلمًا على أصلنا بالصلاة فظاهر، فإن الكافر الأصلي، والمرتد بالتكذيب لو صلى حكم بإسلامه، وإنما الكلام في صحة صلاته قبل تجديد الشهادتين، والمسألة مذكورة في المرتد لا سيما، والكافر يصير مسلمًا بالشهادة لمحمد صلى الله عليه بالرسالة لتضمن ذلك الشهادة بالتوحيد. اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني