السؤال
إذا أردت الاغتسال، فإنني أبدأ بغسل آثار المني حول الذكر، وما أصاب الجسم، ثم أنوي الاغتسال، وأسمي الله، وأغسل يدي ثلاث مرات، وأغسل ذكري ودبري ثلاث مرات بنية الاستنجاء، ثم أغسل يدي ثلاث مرات أيضًا، ثم أقف تحت الدش، وأعمم جسمي بالماء، وأمسح رأسي وأذني كما في الوضوء، وكذلك وجهي، ثم أتمضمض وأستنشق ثلاث مرات، وأكمل تعميم جسمي، ثم أغسل رجلي، فهل اغتسالي صحيح؟ علمًا أنني أفعلها مرات، وأجمع الجنابة والجمعة في نفس صفة الغسل؟ وشكرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغسل بعد حصول سببه نوعان: غسل كامل، وغسل مجزئ، والتفصيل فيهما ذكره ابن قدامة في المغني، حيث قال متحدثًا عن الغسل الكامل: ولغسل الجنابة صفتان: صفة إجزاء، وصفة كمال، فالذي ذكره الخرقي ها هنا صفة الكمال، قال بعض أصحابنا: الكامل يأتي فيه بعشرة أشياء: النية، والتسمية، وغسل يديه ثلاثًا، وغسل ما به من أذى، والوضوء، ويحثي على رأسه ثلاثًا يروي بها أصول الشعر، ويفيض الماء على سائر جسده، ويبدأ بشقه الأيمن، ويدلك بدنه بيده، وينتقل من موضع غسله فيغسل قدميه، ويستحب أن يخلل أصول شعر رأسه ولحيته بماء قبل إفاضته عليه، قال أحمد: الغسل من الجنابة على حديث عائشة، وهو ما روي عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه ثلاثًا، وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يخلل شعره بيده، حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده ـ متفق عليه، وقالت ميمونة: وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوء الجنابة، فأفرغ على يديه، فغسلهما مرتين أو ثلاثًا، ثم أفرغ بيمينه على شماله، فغسل مذاكيره، ثم ضرب بيده الأرض أو الحائط مرتين أو ثلاثًا، ثم تمضمض واستنشق، وغسل وجهه، وذراعيه، ثم أفاض الماء على رأسه، ثم غسل جسده، ثم تنحى عن مقامه ذلك فغسل رجليه، فأتيته بالمنديل، فلم يردها، وجعل ينفض الماء بيديه. متفق عليه. انتهى.
وقال عن الغسل المجزئ: وإن غسل مرة، وعم بالماء رأسه وجسده، ولم يتوضأ، أجزأه، بعد أن يتمضمض ويستنشق، وينوي به الغسل والوضوء، وكان تاركًا للاختيار، هذا المذكور صفة الإجزاء، والأول هو المختار؛ ولذلك قال: وكان تاركًا للاختيار يعني إذا اقتصر على هذا أجزأه مع تركه للأفضل والأولى. انتهى.
وبناء على ما سبق, فالظاهر من السؤال أنك لم تأت بالغسل الكامل, وإنما أتيت بالغسل المجزئ, وهو كاف، ويترتب عليه رفع الجنابة.
وهذا الغسل الذي نويته عن الجمعة والجنابة يجزئ عن العبادتين معًا, جاء في الموسوعة الفقهية: إن أشرك عبادتين في النية، فإن كان مبناهما على التداخل، كغسلي الجمعة والجنابة، أو الجنابة والحيض، أو غسل الجمعة والعيد، أو كانت إحداهما غير مقصودة كتحية المسجد مع فرض، أو سنة أخرى، فلا يقدح ذلك في العبادة؛ لأن مبنى الطهارة على التداخل، والتحية، وأمثالها غير مقصودة بذاتها، بل المقصود شغل المكان بالصلاة، فيندرج في غيره. انتهى.
والله أعلم.