السؤال
أدعو الله أن يتوب علي، ويرحمني.
كيف أتبرأ من أب كان زانيا، أنجب من الزنا، ومات عليه هو والمرأة التي كانت معه؛ أخذه الله أخذ عزيز مقتدر؟
ومن أم عاقة لأمها، سفيهة، لا تستمع إلى النصح، تدعو علينا دائما بالأذى، والضرر، وساخطة لا ترضى، تخفي الكفر، وتدعي الإسلام؟
ابتليت بهما، وأصابني الضرر الشديد في حياتي من أفعالهما، وكرهتهما كرها شديدا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن صح ما ذكرت عن أبيك أنه قد وقع في الزنا، فلا شك في أنه أتى كبيرة من كبائر الذنوب، وفعل أمرا من أسباب سخط علام الغيوب، ويمكن مطالعة بعض النصوص الواردة بشأن الزنا في الفتوى رقم: 1602.
ومهما أساء الأب فإنه يبقى أبا، فلا تتبرأ منه، وإنما تتبرأ من سوء فعاله. ويظل وجوب البر به، والإحسان إليه باقيا، لا يسقطه عنك إساءته، ووقوعه في الزنا والمعاصي. فمن حق الوالد أن يحسن إليه ولده وإن أساء، كما أسلفنا القول في ذلك في عدة فتاوى، نحيلك منها على الفتوى رقم: 3459. وهنالك عدة أمور يبر بها الوالد بعد موته، يمكن الاطلاع عليها في الفتوى رقم: 66807 ، والفتوى رقم: 33828.
وعسى الله أن يغفر لأبيك، ويرحمه بسبب حسنات ماحية، أو مصائب مكفرة، أو دعوة منك صالحة، أو بمحض رحمته سبحانه وتعالى، فهو أرحم الراحمين. وللمزيد فيما يتعلق بمكفرات الذنوب نرجو مراجعة الفتوى رقم: 224836.
ولا ندري كيف عرفت أن أمك تخفي الكفر وتظهر الإسلام، فهذا اتهام خطير، والجرأة عليه - بلا بينة - مهلكة؛ ولمزيد الفائدة عن التكفير وضوابطه راجع الفتوى رقم: 721.
وإن كانت فعلا عاقة بأمها، فهذا منها منكر عظيم، قد يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا قبل الآخرة. فإن كانت أمك هذه حية، فادع الله لها أن يهديها سواء السبيل، فدعاؤك لها بالصلاح من أعظم إحسانك إليها. وابذل النصح لها بالحسنى، ولو من طريق غير مباشر، ويمكنك أن تستعين بمن يمكن أن تقبل قولهم. وكما ذكرنا بالنسبة للأب، فوجوب برها، والإحسان إليها لا تسقطه إساءتها.
وكراهيتك لأمك بسبب سوء فعالها لا إثم عليك فيه، فلا مؤاخذة بأعمال القلب حتى يترتب عليها قول، أو فعل. فكن على حذر من أن يؤدي بك كرهها إلى الإساءة إليها ولو بأدنى إساءة. وراجع الفتوى رقم: 43891.
نسأل الله تعالى أن يتوب علينا وعليك، وأن يرحمنا وإياك، وأن يرزقنا بر والدينا، إنه جواد كريم.
والله أعلم.