السؤال
سؤالي هو: هل من يتأفف أو ينزعج عندما يطلب منه والداه أن يعمل عملا ما قد ارتكب كبيرة وهو عاق لوالديه، علما بأنه لا يفعل ذلك أمامهم وليس على مسمعهم، وإنما مع نفسه، لما قد يجد في ندائهم أو طلبهم له من مشقة على نفسه؟ مثال: أحيانا تطلب أم من ابنتها أن تنظف الصالة، وبعد ذلك بأن تنظف الحمام، وبعد ذلك عمل آخر أو طلب آخر، فتقول البنت، ولكن ليس أمام الأم: يا الله أو اففففف أو عبارات أخرى القصد منها التأفف.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس مجرد استثقال أمر الوالدين عقوقا ما لم يصدر من الولد للوالد ما يكره من إظهار التضجر والتأفف، فالظاهر ـ والله أعلم ـ أنّ المنهي عنه هو مواجهة الوالدين بذلك، كما قال تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ {الإسراء:23}.
قال ابن كثير رحمه الله: وَقَوْلُهُ: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ـ أَيْ: لَا تُسْمِعْهُمَا قَوْلًا سَيِّئًا حَتَّى وَلَا التَّأْفِيفَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى مَرَاتِبِ الْقَوْلِ السَّيِّئِ: وَلا تَنْهَرْهُمَا ـ أَيْ: وَلَا يَصْدُرْ مِنْكَ إِلَيْهِمَا فِعْلٌ قَبِيحٌ.
وقال السعدي رحمه الله: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ـ وهذا أدنى مراتب الأذى نبه به على ما سواه، والمعنى لا تؤذهما أدنى أذية. وجاء في التقرير والتحبير على تحرير الكمال بن الهمام: كدلالة: فلا تقل لهما أف ـ على تحريم الضرب، فإن المعنى العباري له تحريم خطاب الولد للوالدين بهذه الكلمة الموضوعة للتبرم والتضجر.
لكن ينبغي على الولد أن يجاهد نفسه ولا يتلفظ بما فيه تضجر أو تبرم من الوالدين ولو كان ذلك بينه وبين نفسه، بل ينبغي أن يوطن نفسه على مقابلة أوامر الوالدين بالرضا والانشراح وطيب النفس، ومما يعينه على ذلك استحضار النية الصالحة واستشعار عظيم الأجر على بر الوالدين.
والله أعلم.