السؤال
ما حكم من يصلي وراء إمام كافر متعمدًا، وهو يعلم بكفره؟ وهل يكفر أم إن صلاته تبطل فقط؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلا يجوز الاقتداء بالكافر، ومن اقتدى به فصلاته باطلة، لا سيما مع العلم بكفره -كما ذكر السائل- قال في مطالب أولي النهى: ولَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَ كَافِرٍ، وَلَوْ كَانَ كُفْرُهُ بِبِدْعَةٍ مُكَفِّرَةٍ، سَوَاءٌ عَلِمَ كُفْرَهُ أَوْ جَهِلَ؛ لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ لِنَفْسِهِ، فَلَا تَصِحُّ لِغَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ أَصْلِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا. اهـ.
وذهب بعض الفقهاء إلى أنه إن جهل كفره صحت صلاته كما بيناه في الفتوى رقم: 179901، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: قَوْلُهُ: (وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَ كَافِرٍ) هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: تَصِحُّ إنْ أَسَرَّ الْكُفْرَ، وَعَنْهُ: لَا يُعِيدُ خَلْفَ مُبْتَدِعٍ كَافِرٍ بِبِدْعَتِهِ، وَحَكَى ابْنُ الزَّاغُونِيِّ رِوَايَةً بِصِحَّةِ صَلَاةِ الْكَافِرِ، بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ إسْلَامِهِ بِهَا، وَبَنَى عَلَى صِحَّةِ صَلَاتِهِ صِحَّةَ إمَامَتِهِ عَلَى احْتِمَالٍ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ بَعِيدٌ. اهـ.
وأما هل يكفر بالاقتداء به مع علمه بكفره: فإنه إذا لم يفعل ذلك استهزاء لا يُحكمُ بكفره، ولم نجد كلامًا للفقهاء في تكفيره، وهم قد ذكروا بطلان الصلاة مع علم المأموم بكفر الإمام، ومع هذا لم يقولوا: يكفر المأموم.
والتكفير شأنه خطير، والأصل في المسلم الإسلام، فلا يُخرج منه إلا بيقين، وهذا يصدق أيضًا على تكفير الإمام إذا كان الأصل فيه الإسلام، فإنه لا يُحكم بكفره لمجرد وقوعه في الكفر؛ إذ هناك شروط وموانع للتكفير، يعلمها أهل العلم، ويجهلها غيرهم، فلا يُقدم على تكفير شخص دون الرجوع لأهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 53835 ، والفتوى رقم: 12800. في ضوابط التكفير وخطورة الكلام فيه.
والله تعالى أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني