السؤال
هل الله لن يغفر لي إلا إذا غفرت لعباده؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العفو عن عباد الله ورد الترغيب فيه في كثير من نصوص الوحي، قال الله تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {النور:22}.
وقال صلى الله عليه وسلم: وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا. الحديث رواه مسلم.
وعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَدَرْتُهُ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، وَبَدَرَنِي فَأَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ: يَا عُقْبَةُ، أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ أَخْلَاقِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ: تَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ، وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ، وَتَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ.. الحديث رواه الحاكم في المستدرك، وسكت عنه الذهبي في التلخيص.
وعفو العبد عن حقه ـ وإن كان مرغبا فيه ومن شيم الصالحين ـ فإنه ليس بواجب عليه، وتركه ليس بمعصية يؤاخذ بها جاء في الموسوعة الفقهية: فإن كان الحق خالصًا للعبد، فإنه يستحب العفو عنه. اهـ
وراجع الفتوى رقم: 245449.
وذنوب العباد التي بينهم وبين الله تعالى إما أن يتوب منها أصحابها توبة مستكملة شروط القبول، فتكون بذلك مغفورة ففي الحديث الشريف: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.
وإما أن لا يتوب منها أصحابها، فإنها ـ حينئذ ـ تكون تحت مشيئته سبحانه وتعالى إن شاء أخذهم بها، وإن شاء عفا عنها ما لم تكن شركا، كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ {النساء:48}.
وإذا تقرر أن عفو العبد عن حقه ليس بواجب عليه، فإنه بالامتناع عن عفوه لا تكون ذنوبه أعظم من ذنوب غيره. والخلاصة أن عفوك عن العباد فضيلة ويرجى بسببها مغفرة الله تعالى وعفوه، وأن تركه من ترك المستحبات، ولا مؤاخذة بترك مستحب، وبالتالي فلا يمنع ذلك من عفوه سبحانه وتعالى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني