السؤال
يا شيخ: اشتريت عطرا باهظ الثمن، ويحتوي على المسك، لكن من المعلوم أن مصادر المسك هي: الغزال، وقط الزباد، وبعض أنواع الثيران، والفئران، والسلحفاة، والنباتات، وبعض الأنواع صناعية.
فما حكم استخدام هذا العطر في الصلاة، خصوصا أني أجهل مصدر المسك؟
وهل لو مثلا كان مستخرجا من الغزال هل يكون طاهرا لو كان الغزال ميتة، أو كان مستخرجا من حيوان آخر حيا أو ميتا؟
وأيضا قط الزباد يخرج المسك منه، وحسب ما أتذكر أني قرأت، أنه يستخرج من العرق، من منطقة قريبة من أعضائه التناسلية، أو من نفس الأعضاء.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فيجوز لك الصلاة بثوب فيه عطر تجهل مصدره؛ لأنه من القواعد المعروفة أن الأصل في الأشياء الطهارة, ولا يحكم بنجاسة شيء معين إلا بيقين, ثم إن الأصل طهارة المسك إذا كان مستخرجا من حيوان حي, أو ميت بعد ذكاته, أما المستخرج من حيوان غير مذكى بعد موته، فهو نجس؛ لأنه منفصل عن ميتة, والطيب المسمى بالزباد نص بعض أهل العلم على طهارته, وليس مستخرجا من مكان نجس، وإليك بعض كلام أهل العلم في هذه المسألة:
جاء في شرح الخرشي المالكي: والمعنى أن من الطاهر المسك بكسر، فسكون، وهو دم منعقد استحال إلى صلاح، وكذا فأرته، وهي وعاؤه الذي يكون المسك فيه من الحيوان المخصوص؛ لأنه - عليه السلام - تطيب بذلك، ولو كان نجسا لما تطيب به. وبعبارة أخرى المسك بكسر، فسكون، فارسي معرب، وتسميه العرب المشموم، خراج يتولد من حيوان كالغزال المعروف، ولا فرق بينهما إلا أن لهذه أنيابا نحو الشبر كأنياب الفيلة، ورجلاها أطول من يديها، ثم يستحيل مسكا.
وأما الزبد فأفتى الشيخ سالم- نفعنا الله به- بطهارته بعد التوقف، حتى أخبره من له معرفة أنه لا يصل إلى محل البول. انتهى.
وفى حاشية قليوبي وهو شافعي: والمسك التركي نجس؛ لأنه من دم خرج من فرج الغزال كالحيض، وفي ابن حجر أنه من حيوان غير مأكول، وأما الذي من خراج من تحت سرته، فطاهر كفأرته إن انفصل من حي، أو مذكى، أو تهيأ للوقوع قبل الموت كالبيض، والزباد طاهر؛ لأنه لبن سنور بحري، أو عرق سنور بري، وهو الأصح. انتهى.
وفي أسنى المطالب لزكريا الأنصاري الشافعي: (والزباد طاهر) قال في المجموع: لأنه إما لبن سنور بحري كما قاله الماوردي، أو عرق سنور بري، كما سمعته من ثقات من أهل الخبرة بهذا، لكنه يغلب اختلاطه بما يتساقط من شعره، فليحترز عما وجد فيه؛ فإن الأصح منع أكل السنور البري. انتهى.
وفي الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين: الثانية: المِسْك وفأرته، ويكون من نوع من الغزلان يُسمَّى غزال المسك. يُقال: إنهم إذا أرادوا استخراج المِسْكِ، فإِنهم يُركِضُونه فينزل منه دم من عند سُرَّته، ثم يأتون بخيط شديد قويٍّ، فيربطون هذا الدم النازل ربطاً قويًّا من أجل أن لا يتَّصل بالبدن فيتغذَّى بالدَّم، فإِذا أخذ مدَّة فإنه يسقط، ثم يجدونه من أطيب المسك رائحة. وهذا الوعاء يُسمَّى فأرة المِسْك، والمِسْكُ هو الذي في جوفه، فهذا انفصل من حَيٍّ وهو طاهر على قول أكثر العلماء. اهـ.
وفي كشاف القناع للبهوتي الحنبلي: (فدخل فيه) أي: في عرق السباع (الزباد) بوزن سحاب، فهو نجس (لأنه من حيوان بري غير مأكول أكبر من الهر) قال ابن البيطار في مفرداته.
قال الشريف الإدريسي: الزباد نوع من الطيب يجمع من بين أفخاذ حيوان معروف، يكون بالصحراء يصاد، ويطعم اللحم، ثم يعرق فيكون من عرق بين فخذيه حينئذ وهو أكبر من الهر الأهلي اهـ. ومقتضى كلامه في الفروع طهارته قال: وهل الزباد لبن سنور بحري أو عرق سنور بري؟ فيه خلاف. انتهى.
والله أعلم.