السؤال
أعرف أن الأصل الأخذ بالأسباب ثم التوكل على الله بالاستخارة والإيمان لتحقيق المقصد، كما في الزواج وأمور أخرى، ولكن كيف أعرف أنني لم أقصر في الأخذ بالأسباب كأن تكون مشورة بعض الناس خاطئة، أو لا تجب مشاورتهم، أو أي تقصير كان في الأخذ بالأسباب؟ بمعنى: كيف نعرف أننا أعطينا الجانب الدنيوي والأخذ بالأسباب حقه من الاهتمام؟.
وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا بذلت وسعك في الأخذ بالأسباب الشرعية، وغلب على ظنك أن السبب الذي تعالجه يحقق المراد، فإن ذلك كاف ـ بإذن الله تعالى ـ فالمطلوب أن يأتي العبد بما أمكنه من ذلك، ومنه أن يرجع إلى أهل التخصص في كل شيء، ففي باب الاستشارة، حتى يكون المرء آخذا بالأسباب، فينبغي أن يسأل عقلاء المختصين بأمر الاستشارة، ويُكثر من ذلك، قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ كَانَ أَكْثَرَ مَشُورَةً لِأَصْحَابِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. علقه الترمذي، وعبد الرزاق.
وراجع للأهمية الفتاوى التالية أقامها: 5230، 7087، 44678، 52503، 53203، 79614، 124524، 161241.
ولابن الجوزي في صيد الخاطر كلام نفيس ننقله لك للفائدة، حيث قال رحمه الله: عرضت لي حالة لجأت فيها بقلبي إلى الله تعالى وحده، عالمًا بأنه لا يقدر على جلب نفعي، ودفع ضري سواه، ثم قمت أتعرض بالأسباب، فأنكر علي يقيني وقال: هذا قدح في التوكل! فقلت: ليس كذلك، فإن الله تعالى وضعها من الحكم، وكان معنى حالي: أن ما وضعت لا يفيد وأن وجوده كالعدم! وما زالت الأسباب في الشرع، كقوله تعالى: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ {النساء: 102} وقال تعالى: فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ {يوسف: 47} وقد ظاهر النبي صلى الله عليه وسلم بين درعين، وشاور طبيبين، ولما خرج إلى الطائف، لم يقدر على دخول مكة، حتى بعث إلى المطعم بن عدي فقال: أدخل في جوارك ـ وقد كان يمكنه أن يدخل متوكلًا بلا سبب، فإذا جعل الشرع الأمور منوطة بالأسباب، كان إعراضي عن الأسباب دفعًا للحكمة. انتهى.
ويمكنك مراجعة قسم الاستشارات من موقعنا.
والله أعلم.