السؤال
أحب سماع القرآن من بعض المشايخ، لكن هناك بعض القراء عندما أستمع إلى صوتهم، أشعر أن لصوتهم رعشة في القلب.
والشيطان يحدثني أحيانا أن هذه ليست من خشية الله، وإنما من جمال الصوت، وحسنه، وأخشى فعلا أن يكون الصوت نوعا من الفتنة، ويصرفني ذلك عن الخشوع لاستماع القرآن.
فما الرأي؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن تحسين الصوت بالقرآن أمر مشروع، ولبيان الفرق بين التغني المحمود بالقرآن، وما كان بضد ذلك، تنظر الفتوى رقم: 141761.
ولا ريب أن النفوس مجبولة على حب الصوت الحسن، والميل إليه، فالاستماع للقرآن من ذوي الأصوات الحسنة ممن يتغنون بالقرآن على الوجه المشروع، أمر حسن، مندوب إليه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لا شك أن الصوت الحسن مرغوب، والإنسان يحب أن يستمع القرآن من صوت حسن، بل قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما أذن الله لشيء، إِذْنَه لنبي حسن الصوت، يتغنى بالقرآن. أي: ما استمع الله تعالى لشيء، مثلما يستمع لنبي حسن الصوت، يتغنى بالقرآن. وسمع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة أبا موسى الأشعري يقرأ القرآن، واستمع لقراءته، ثم قال له النبي عليه الصلاة والسلام في الصباح، قال: لقد استمعتُ إلى قراءتك الليلة، وقد أوتيتَ مزماراً من مزامير آل داوُد -أي: صوتاً حسناً- فقال: أوَسَمِعْتَ ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم. قال: لو علمتُ لحبَّرتُه لك تحبيراً. يعني: زينتُه أحسن.
وفي هذا دليل على أن الإنسان لا بأس أن يحسِّن صوته من أجل أن يستمع الناس إليه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينكر على أبي موسى لما قال هذا. انتهى.
ومن ثم فخشوعك عند سماع قراءة قارئ معين، حسن الصوت، يتغنى بالقرآن على وجه مشروع، مما لا حرج فيه، ولكن ينبغي استحضار أن الصوت وسيلة لفهم القرآن، وتدبره، وأن الخشوع إنما هو للكلام المتلو، لا لمجرد الصوت الحسن، فإذا حصل لك الخشوع لقراءة القرآن، وسماعه، فاحمدي الله على ذلك، واستمري في سماع القرآن، وتزودي من هذا الخير، ولا يصرفنك عنه وسواس الشيطان، وتزيينه لك أنك إنما تخشعين لمجرد الصوت، فهو إنما يريد الحيلولة بينك وبين العبادة بهذه الوساوس.
والله أعلم.