السؤال
أشكركم أولا على ما قدتموه للعالم الإسلامي من خدمات جليلة، وأسأل الله أن يجزيكم الفردوس الأعلى، ويرزقكم رفقة الأنبياء والصالحين، ويحل عليكم رضوانه، وأن يزيدكم، وينير وجوهكم برؤية وجهه الكريم.
أما بعد:
أولا: أريد أن أعرف سنن الرسول صلى الله عليه وسلم -القولية، والفعلية في كل حياته للتمسك بها بإذن الله، مع العلم أني حفظت كتاب حصن المسلم، وكتاب الصلاة للألباني -رحمه الله- وتعلمت الوضوء، والغسل، والتيمم متبعا لسنة الرسول -عليه الصلاة والسلام- ولا أعلم أين أبحث لأجد باقي السنن.
فأرجو إرشادي إلى الكتب التي يمكن الرجوع إليها، وأن تكون بسيطة، ومختصرة.
ثانيا: هل حفظ الأدعية الواردة عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- من اتباع السنة؟
ثالثا: هل هناك سنن للرسول صلى الله عليه وسلم اندثرت، لا يمكن البحث عنها، أم لا زالت كل سننه محفوظة في الكتب؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فزادك الله حرصا على اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ووفقنا الله وإياك للعمل، والتمسك بها.
ومعرفة سنن النبي صلى الله عليه وسلم في كل حياته، يصعب حصر الكتب التي تكلمت عن ذلك في فتوى، أو مقال، فضلا عن حصرها هي، وإنما يمكننا دلالتك على بعض الكتب المختصرة التي اهتمت بذلك، مع سهولة عبارتها؛ فمن ذلك كتاب رياض الصالحين، وكتاب الأذكار كلاهما للإمام النووي رحمه الله.
قال الذهبي -رحمه الله تعالى- في السير: فَعَلَيْك يَا أَخِي بتدبُّر كِتَاب اللهِ، وَبإِدمَان النَّظَر فِي (الصَّحِيْحَيْنِ) و(سُنَن النَّسَائِيّ)، و(رِيَاض النَّوَاوِي) وَأَذكَاره، تُفْلِحْ وَتُنْجِحْ. انتهى.
ومن الكتب التي تحتاجها لمعرفة سنته صلى الله عليه وسلم كتب العقيدة، وقد ذكرنا بعضها في الفتوى رقم: 170619.
ومن الكتب التي تحتاجها لمعرفة سنته صلى الله عليه وسلم كتب الفقه، وقد ذكرنا بعضها في الفتوى رقم: 191855.
ولا شك أن حفظ الأدعية النبوية من اتباع سنته صلى الله عليه وسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى: وَالْمَشْرُوعُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ بِالْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ؛ فَإِنَّ الدُّعَاءَ مِنْ أَفْضَلِ الْعِبَادَاتِ، وَقَدْ نَهَانَا اللَّهُ عَنْ الِاعْتِدَاءِ فِيهِ، فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّبِعَ فِيهِ مَا شُرِعَ وَسُنَّ، كَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَنَا ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَاَلَّذِي يَعْدِلُ عَنْ الدُّعَاءِ الْمَشْرُوعِ إلَى غَيْرِهِ -وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحْزَابِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ- الْأَحْسَنُ لَهُ أَنْ لَا يَفُوتَهُ الْأَكْمَلُ الْأَفْضَلُ وَهِيَ الْأَدْعِيَةُ النَّبَوِيَّةُ؛ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ وَأَكْمَلُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْأَدْعِيَةِ الَّتِي لَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَإِنْ قَالَهَا بَعْضُ الشُّيُوخِ. فَكَيْفَ وَقَدْ يَكُونُ فِي عَيْنِ الْأَدْعِيَةِ مَا هُوَ خَطَأٌ أَوْ إثْمٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ. وَمِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَيْبًا مَنْ يَتَّخِذُ حِزْبًا لَيْسَ بِمَأْثُورِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ كَانَ حِزْبًا لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَيَدَعُ الْأَحْزَابَ النَّبَوِيَّةَ الَّتِي كَانَ يَقُولُهَا سَيِّدُ بَنِي آدَمَ، وَإِمَامُ الْخَلْقِ، وَحُجَّةُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ. انتهى.
وأما سؤالك الأخير فهو يتعلق بحفظ السنة، وهل أن الله قد تكفل بحفظها كالقرآن أم لا؟ فتجد الإجابة عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 212818.
والله أعلم.