السؤال
هل يُغفر الذنب الذي يفعله العبد وهو ليس من كبائر الذنوب، مثل: سماع الأغاني، أو مشاهدة الأفلام -ولا أقصد هنا الأفلام الخليعة، وإنما مثل: أفلام الأكشن، وما إلى ذلك- أو إذا كان يعزف بالآلات الموسيقية، إذا لم يتب منه العبد، وهو يعلم أنه ذنب، ولكنه يكثر الاستغفار؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصغائر تكفَّر باجتناب الكبائر، كما قال تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا {النساء:31}، وقال تعالى: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ {النجم:32}, هذا من حيث الأصل، فإذا كان العبد يفعل الصغائر، فإنها تكفر بأداء الفرائض، واجتناب الكبائر، والإكثار من الاستغفار.
لكن ههنا أمور لا بد من التفطن لها، منها: أن سماع المعازف قد عده كثير من العلماء من الكبائر، ومنها: أن الإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة، كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 183627، وحينئذ لا يغفر هذا الإصرار الذي هو كبيرة إلا بتوبة خاصة، كما هو حكم الكبائر، ومنها: أن الذنب قد يكون صغيرًا في نفس صاحبه، وهو في نفس الأمر كبير عند الله تعالى، وبسبب جهل العبد يتصور الكبير صغيرًا، كما قال تعالى: وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ {النور:15}، ومنها: أن التهاون بالصغائر، والانهماك فيها، يجر إلى فعل ما هو أكبر منها، فتهون الذنوب على العبد، ويسهل عليه فعلها، ولذلك قيل: إن الصغائر بريد الكبائر، ولا ينجي من هذا كله إلا توبة نصوح، وإقلاع فوري عن جميع الذنوب صغيرها والكبير.
والله أعلم.