السؤال
أنا فتاة عمري 26 عامًا، أصبت باكتئاب وعمري 17 عامًا، ولا زلت أعاني منه، وعملت كل ما بوسعي لكني لم أستطع أن أتخلص منه نهائيا، ووصلت إلى مرحلة اليأس، فحاولت أن أنتحر لكني خفت من نهايتي وهي: نار جنهم، وبسبب هذا الاكتئاب أصبحت أتعرف على شباب لكي أتزوج، وفي كل مرة أعقد العزم ألا أعود إلى هذا الذنب، وأتوب ثم أرجع مرة أخرى لمحادثة الشباب ظنا مني أنني سأجد شريك حياتي، وأتزوجه، وأعيش بسعادة، وتتغير حالتي النفسية، وفي كل مرة ذنبي هذا يكبر، وكنت على علاقه مع شاب من بلد آخر في الفيس بوك منذ 9 أشهر، وفعلت معه ما لم أفعله من قبل، وأستغفر الله لما فعلته، وأرسلت له صورا مخزية، وأستغفر الله لا أستطيع أن أشرح أكثر لأني -والله- نادمة على ما فعلته، وهذا كله ظنا مني أنه سوف سيتزوجني، وكثرت بيني وبينه المشاكل حتى أصبح يكرهني، ولايطيق مني كلمة، واضطر إلى أن يهددني بالفضيحة بطريقة غير مباشرة.
أقسم بالله فعلت ما فعلت لأني تعبت من الاكتئاب، ولقد جربت كل شيء من أدوية، وعلاج نفسي، كذلك في سنة من سنوات التزمت الصلاة، وتركت الأغاني وغيرها لكن الاكتئاب ما زال يلازمني.
سؤالي: هل يسترني الله مثلما ستر عليّ من قبل؟ وماذا أفعل كي أتوب توبة صادقة؟ وهل أحذف كل شيء بينه وبيني من صور ومحادثات، وأغلق صحفة الفيس بوك التي يعرفني فيها؟ وهل يحاسبني الله إن دخلت على صحفته بالفيس بوك لأرى ماذا يفعل؟ وهل يحاسبني على أني أحن إليه، وأفكر فيه؟ وهل لو دخلت الفيس بوك باسم آخر للتسلية فقط، ولا أتحدث مع أي شاب أكون غير صادقة في التوبة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك: المبادرة بالتوبة إلى الله -عز وجل-، وقطع هذه العلاقة فورًا، وإذا صحّت توبتك، فأبشري بقبول التوبة، وعفو الله، وستره عليك في الدنيا والآخرة، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود، ومِن صدق التوبة: أن يجتنب العبد أسباب المعصية, ويقطع الطرق الموصلة إليها, ويحسم مادة الشر، فاحذري من التهاون, واتباع خطوات الشيطان، وبادري بإلغاء كل ما كان بينك وبين هذا الرجل من مراسلات وصور، وأغلقي صفحة الفيسبوك, ولا تدخليها مطلقًا حتى تستقيمي على طريق التوبة, وتثبتي على قدم الهداية، وما غلبك من فكر أو حديث نفس فلا حرج عليك فيه، لكن ينبغي عليك أن تحرصي على حراسة خواطرك, وشغل أوقاتك بالأعمال النافعة، واستعيني بالله ولا تعجزي، واعلمي أنّك لن تجدي راحة النفس وطمأنينة القلب إلا في ظلال طاعة الله وأنس القرب منه، قال ابن القيم -رحمه الله-: "فَفِي الْقَلْبِ شَعَثٌ، لَا يَلُمُّهُ إِلَّا الْإِقْبَالُ عَلَى اللَّهِ. وَفِيهِ وَحْشَةٌ، لَا يُزِيلُهَا إِلَّا الْأُنْسُ بِهِ فِي خَلْوَتِهِ. وَفِيهِ حُزْنٌ, لَا يُذْهِبُهُ إِلَّا السُّرُورُ بِمَعْرِفَتِهِ وَصِدْقِ مُعَامَلَتِهِ. وَفِيهِ قَلَقٌ, لَا يُسَكِّنُهُ إِلَّا الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهِ، وَالْفِرَارُ مِنْهُ إِلَيْهِ. وَفِيهِ نِيرَانُ حَسَرَاتٍ, لَا يُطْفِئُهَا إِلَّا الرِّضَا بِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَقَضَائِهِ، وَمُعَانَقَةُ الصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ إِلَى وَقْتِ لِقَائِهِ. وَفِيهِ طَلَبٌ شَدِيدٌ, لَا يَقِفُ دُونَ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَحْدَهُ مَطْلُوبَهُ. وَفِيهِ فَاقَةٌ, لَا يَسُدُّهَا إِلَّا مَحَبَّتُهُ، وَالْإِنَابَةُ إِلَيْهِ، وَدَوَامُ ذِكْرِهِ، وَصِدْقُ الْإِخْلَاصِ لَهُ, وَلَوْ أُعْطِيَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لَمْ تَسُدَّ تِلْكَ الْفَاقَةَ مِنْهُ أَبَدًا."
واعلمي أنّه يجوز للمرأة أن تعرض نفسها على الرجل الصالح ليتزوجها، وذلك بضوابط وآداب مبينة في الفتوى رقم:108281.
وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.