السؤال
رجل قال لزوجته: عليّ الطلاق ما تخرجي من البيت. وكان قد طلقها مرتين من قبل, وعندما حلف عليها الطلاق نسي أنها حامل، وأنها بحاجة إلى عملية ولادة قيسرية, فهل خروجها من البيت لعمل عملية الولادة القيسرية في المستشفى يوقع الطلاق؟ علما أنه لم يحدد متى تخرج، ومتى لا تخرج؟ وإذا تم توليدها في البيت فهناك خطر كبير على صحتها.
أفتوني، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الرجل نوى منع امرأته من الخروج مدة معينة، فلا يحنث بخروجها بعد تلك المدة، أو نوى منعها من الخروج على وجه معين كخروجها لغير حاجة، فلا يحنث بخروجها على وجه آخر، ولو كان لفظ اليمين مطلقًا، وذلك لأنّ النية في اليمين تخصص العام وتقيد المطلق، قال ابن قدامة -رحمه الله-: "وجملة ذلك: أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له، .......، والمخالف يتنوع أنواعا؛ أحدها: أن ينوي بالعام الخاص، ...... ومنها: أن يحلف على فعل شيء أو تركه مطلقا، وينوي فعله أو تركه في وقت بعينه..... " المغني لابن قدامة (9/ 564)
فإن لم تكن له نية حين تلفظ باليمين، فالمرجع إلى السبب الباعث على اليمين، فإن كان سبب اليمين يقتضي منعها في وقت دون وقت أو لغرض دون غرض، فيمينه مقيدة بالسبب، فلا يحنث بخروجها على صفة لا يقتضيها سبب اليمين.
وأما إذا كان حلف هذا اليمين ولم ينو شيئًا محددًا، وليس لليمين سبب خاص، ففي هذه الحال: يعمل بظاهر لفظه، ويحنث بخروجها للولادة، قال ابن قدامة الحنبلي -رحمه الله-: "فإن عدمت النية رجع إلى سبب اليمين وما هيجها، فيقوم مقام نيته لدلالته عليها، فإن عدم ذلك حملت يمينه على ظاهر لفظه" عمدة الفقه (ص: 124)
وحيث حصل الحنث وقع الطلاق، وبانت منه المرأة بينونة كبرى، وهذا على مذهب جمهور العلماء الذين يوقعون الطلاق المعلق بحصول المعلق عليه مطلقًا، أما على مذهب ابن تيمية -رحمه الله- فإنّه إذا قصد بالحلف منعها وتهديدها، ولم ينو إيقاع الطلاق عند خروجها، فلا يقع الطلاق بحنثه في اليمين، ولكن تلزمه كفارة يمين، وانظر الفتوى رقم: 11592.
وننبه إلى أن الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه.
والله أعلم.