السؤال
أسرتنا مكونة من والدتي وأنا وثلاث أخوات بنات، والدي ـ رحمه الله ـ يمتلك منزلا في بلدته، وقبل وفاته قام بشراء شقة، وجهزها لي للزواج وكتبها باسمي، كلفت تقريبا 140000 جنيه، وعندما أحس باقتراب الأجل، وخاف من أن يكون ظلم أخواتي البنات قال لي: عندما تبيعوا منزل البلد راضي أخواتك، والآن جاءت بيعة لبيت البلد بمبلغ 500000 جنيه، ولا أعرف كيف نوزع التركة، وأمي تقول لي: أن أنسى موضوع الشقة فهي مساعدة من أبي كما ساعد أختي الكبيرة في تجهيزها، وأنا لا أرضى وأريد أن يرتاح ضميري، مع العلم أن أختيّ الاثنتين الأصغر مني لم يتزوجا في حياة والدي ولم يساعدهما، وأريد أن أعرف كيف أوزع التركة، مع العلم أن أخواتي راضيات بأي تقسيم ولن يعترضن، فهما تحبانني، والشقة التي اشتراها لي والدي ثمنها الآن 250000 جنيه، ولكني لا أفكر في بيعها، فهل أحسبها على ثمن تكلفتها؟ أم على ثمنها الآن؟ أم على أي ثمن نتراضى عليه أنا وأخواتي؟
أفيدوني أفادكم الله.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرحم والدك، وموتى المسلمين أجمعين، واعلم أنه يجب على الأب أن يعدل بين أبنائه في العطاء، ولا يجوز أن يخص أحدهم بهبة دون مسوغ شرعي، على الراجح من أقوال العلماء، وانظر بيان هذا في الفتوى رقم: 6242.
وإذا خصص الأب أحد أبنائه بالهبة دون مسوغ ثم مات: هل تنفذ الهبة ولا يجب على الابن المخصص بالهبة ردها، أم يجب عليه ردها إلى التركة؟ خلاف بين أهل العلم وعامتهم على أنها تمضي، وانظر في هذا الفتوى رقم: 211114.
وذهب بعضهم إلى أنه يجب أن ترد، يقول الإمام ابن تيمية: ولا يجوز للولد الذي فضل أن يأخذ الفضل، بل عليه أن يرد ذلك في حياة الظالم الجائر، وبعد موته، كما يرد في حياته في أصح قولي العلماء. اهـ. وقال: لا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل، بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. اهـ. من مجموع الفتاوى.
فعلى هذا يجب رد الشقة التي وهبتها بعينها إلى التركة، لا قيمتها، وتقاسم بقية الإخوة فيها، ومحل ذلك هو في حال عدم رضا أخواتك بما وهب لك، وأما إذا رضين بطيب نفس منهن بهبة الشقة لك دون مقابل، أو بمقابل ما دون مقاسمتك في الشقة فالأمر لهن في ذلك على ما تتراضون عليه، وتبرأ ذمتك حينئذ إن شاء الله، جاء في الإقناع وشرحه: (وله) أي: لمن ذكر من الأب والأم وغيرهما (التخصيص) لبعض أقاربه الذين يرثونه (بإذن الباقي) منهم لأن العلة في تحريم التخصيص كونه يورث العداوة وقطيعة الرحم وهي منتفية مع الإذن. اهـ.
والله أعلم.