الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم رفض الابن سكن أبيه معه لسلوكه المشين مع زوجته

السؤال

أنا الابن الوحيد لأب وأم -رحمهما الله- طيبين للغاية، وقد بذلوا الغالي والنفيس من أجل تربية ابنهم، وتعليمه أفضل تعليم.
تبدأ المشكلة بعد وفاة أمي -رحمها الله- منذ عامين تقريبا، وقد رفضت أن أترك أبي وحيدا؛ لأنه كان مريضا، ويأخذ علاجات كثيرة، وقد سبق له دخول المستشفى مرتين خلال آخر15 سنة، وقررت أن أبقى معه بالمنزل أنا وزوجتي وابنتي، وبقينا على هذا الحال شهرين، ثم انتقلنا للعيش في منزلي حيث أنه افضل من منزلنا القديم. أبي رجل يصلي ولا يترك فرضا، ولكنه عنيد، وعصبي، ومعتاد على الاختلاط تماما، ولا يقتنع بغير ذلك، وقد حدثت بعض الأشياء الغريبة، مثل: أن أبي كان يفتح الباب على زوجتي نهارا وهي نائمة بعد خروجي للعمل (وكنت موجودا في إحدى المرات) وذلك لأي سبب؛ كأن يخبرها أنه سيخرج أو يطمئن عليها، وحينما طلبت منه زوجتي ألا يفعل ذلك غضب منها، وبعد فترة بدأ يكلمها على ملابسها، ويقول لها: هذا الزي جميل، أريدك أن ترتديه باستمرار. وبعض الحركات؛ كأن يلمس زوجتي في مناطق حساسة! ثم حينما تنهره زوجتي يعتذر، ويقول: إنها كانت حركات عفوية، ولم يقصدها. تحدثت معه مرارا بأسلوب لين ألا يسيء معاملة زوجتي، وأن يحافظ عليها، وأبلغت زوجتي أن تتجنبه فى المنزل. حتى حدث عند عودة أبي من الخارج (وأنا في العمل كالعادة) أنه حينما سلم عليها إذا به يمسكها من رأسها، ويقبلها من فمها! ثم تركها، فاندفعت تجري إلى غرفتها، وأغلقتها عليها، واتصلت بي.
بعدها كنت أعامل والدي بجفاء ليشعر أنني حزين بسبب ما يفعله بي وبأسرتي، وكذلك أبعدت زوجتي عنه تماما، حتى الطعام كنت أنا من يأخذه من زوجتي ليقدمه له. بعدها أبلغنا أنه سيتركنا ويعود إلى منزله، ولم أتمسك به هذه المرة كما كان يحدث في أي مرة يقول فيها هذا. وكنت قبل ذلك عندما بدأت هذه الأشياء الغريبة تحدث قد بحثت في الفتاوى، وأدركت أن أفضل حل هو أن يبقى كل منهم في منزل منفصل. وكانت لدي النية أن نشتري شقة بجوار منزلنا القديم على أن يبقى أبي معنا، ولكن بعد هذه الأحداث لم أستطع أن أعيده مرة أخرى إلى بيتي، وعاد أبي إلى منزله، وتأخر المقاول في تسليمي شقتي التي بجوار أبي 8 أشهر، وكنت أزوره فيها مرة كل أسبوع أو أسبوعين حسب استطاعتي لظروف العمل، هذا غير الاتصال الهاتفي يوميا. في بداية هذه الـ 8 أشهر كنت أجهز له علاجاته بانتظام لمده 3 أشهر، ثم بعد ذلك لانشغالي في ظروف العمل أحيانا لم أكن أستطيع تجهيزها له، ولكنه كان يخبرني أنه أخذها تبعا لجدول الأدوية الذي كتبته له. وبعد ذلك انتقلت إلى شقتي إلى جوار أبي منذ ما يزيد عن 4 شهور، وبدأت أهتم به أكثر من الأول، وزوجتي تعد الطعام الذي أذهب به إليه، وأتابع علاجاته، وأذهب به إلى الأطباء بصفة دورية، بل دخلنا المستشفى لتحسين حالته الصحية، وبعدها اهتممت به أكثر، واستأذنت من العمل كي أخرج مبكرا كل يوم، وهكذا أصبحت أستطيع المرور عليه صباحا قبل ذهابي للعمل، وبعد العصر بعد عودتي، وإحضار الطعام الصحي، ومتابعة علاجاته يوميا. ولكن كان يكثر الطلب والكلام من أقاربي وجيراني عن أني لا بد أن آخذه معي لشقتي حتى يوجد من يرعاه أثناء تواجدي بالعمل، وهو رجل مريض يحتاج إلى من يكون بجواره حتى يرعاه، ويسعفه إذا استلزم الأمر، وهذا ما كنت أرفضه دون إبداء الأسباب حتى لا تكون هناك فرصة للخلوة بينه وبين زوجتي، وكنت آخذه زيارة لدينا للمنزل مرتين أو ثلاثا بالشهر في أيام العطلات حينما أكون موجودا ليبقى معى طوال اليوم، وكنت أسعى لتدبير الأموال والمصاريف اللازمة للتعاقد مع جليس أو ممرض يبقى معه طوال النهار، ولكن الوقت لم يسعفني،
فأبي توفي منذ أسبوع بعد أن فاجأته أزمة واتصل بي لأعود إليه بعد نصف ساعة، ولقي ربه بعدها بـ 3 أيام.
فهل أذنبت مع أبي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلست مذنبًا في حقّ أبيك، بل الظاهر من سؤالك أنّك كنت بارًّا به، محسنًا إليه، ولم يكن منك تقصير في حقّه رغم أفعاله المحرمّة، وسلوكه المنحرف -غفر الله له-، فجزاك الله خيرًا، وتقبل الله طاعتك، وبرّك بأبيك، ونسأل الله أن يرحمه، ويتجاوز عن إساءته، ونرجو أن تجتهد في الدعاء، والاستغفار له، والصدقة عنه، فإنّ برّ الوالدين بعد موتهما يكون بالدعاء، والاستغفار لهما، والصدقة عنهما، وصلة الرحم من جهتهما، وإكرام أصدقائهما، وانظر الفتوى رقم: 18806.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني