السؤال
أرجو أن تشرحوا لي هذا الأثر الذي رواه البيهقي، وهل هذا الأثر صحيح أم ضعيف؟
الراوي: نفيع بن الحارث الثقفي أبو بكرة. سُئلَ عنِ المسحِ علَى الخفَّينِ؟ فقالَ: للمُسافرِ ثلاثةُ أيَّامٍ ولياليهنَّ، وَلِلْمُقيمِ يومٌ وليلةٌ، وَكانَ أبي ينزعُ خفَّيهِ ويغسلُ رجليهِ. فهذا إن كان صحيحًا فهو يعارض الأثر: أن عليا مسح على نعليه، ثم خلع نعليه، ثم صلى.
أرجو التوضيح، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصيغة الحديث الأول -كما هي في سنن البيهقي-: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَ:« لِلْمُسَافِرِ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ». وَكَانَ أَبِى يَنْزِعُ خُفَّيْهِ وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ.
ومعناه واضح، وهو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص في المسح على الخفين للمقيم يوما وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليها، وهذا رأي جمهور أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 180631. وقد جاءت أحاديث صحيحة عدة تؤيد ما ذهب إليه الجمهور.
ثم إن راوي الحديث عبد الرحمن بن أبي بكرة نقل أن أباه - وهو الراوي المباشر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لهذا الحديث- كان ينزع خفيه ويغسل رجليه.
وقد استدل البعض بهذه الزيادة -كما صنع البيهقي في تبويبه على الحديث في السنن الكبرى- على أن من نزع خفيه وجب عليه غسل الرجلين، لأن المسح يبطل بنزع الخفين، وهو مذهب جمهور أهل العلم، واستدل المخالفون لهم بأثر علي الذى أشار له السائل، وقد بينا في الفتوى رقم: 6646 أقوال العلماء في المسألة، فلتراجع.
والحاصل: أن لكل من الصحابيين مذهبا في المسألة، وأن من العلماء من أخذ بمذهب أبي بكرة، ومنهم من أخذ بمذهب علي، وهذا أمر سائغ لا إشكال فيه.
وقد ذكر الشيخ الألباني ما يفهم منه أن الأثر المروي عن علي أصح من الأثر المروي عن أبي بكرة -رضي الله عنهما-، حيث قال: إن الأول صحيح على شرط الشيخين. وقال عن الثاني: رجاله ثقات غير علي بن محمد القرشي، فلم أعرفه. اهـ.
والله أعلم.