السؤال
أنا بنت عندي 20 سنة، وحاسة أنها مليون سنة تعبت في حياتي كثيرا، وعشت حاجات أكبر من سني غير جميلة جدا، لكن دائما أحس أني مرغوب في، ما أقدر أسيطر على نفسي، أكلم أولادا وعملت كل حاجة قبيحة، عائشة في منطقتي ذليلة نفسي أقرب لربنا، وغير عارفة نفسي أبقى محترمة ولو ليوم واحد وبعدئذ أموت، أنا كثيرا أفكر أن أقتل نفسي، لا أحد يساعدني، قولوا لي ماذا أعمل، أنا أريد أن أبقى نظيفة، وغير قادرة تعبت جدا وكرهت نفسي وحياتي، أنا أبحث في نفسي باقي عارفة أنه غلط، وما أبقي شيئا أريد أن أعمله، لكن ألاقي نفسي تعمله من يساعدني أنا حقيقة تعبت نفسي أمشي في طريق ربنا، ساعدوني قولوا لي ماذا أعمل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يذهب عنك الهم والضيق والحزن، وأن يبدلك مكانه فرحا وسرورا وسعة وحبورا، ونسأله سبحانه أن يصرف عنك كل سوء وبلاء.
واعلمي أنك على خير ما دمت لك قلب يحس بالتقصير ويندم على التفريط، ويبحث عن النجاة والمخرج، وهذا بخلاف القلب الميت، فإنه لا إحساس له، وصاحبه آمن رغم الإساءة والجرأة على معصية الله.
وإن من حكمة الله وفضله أنه قد جعل الرضا والفرح والسرور والنشاط والأنس وقرة العين في طاعته وامتثال أوامره، قال سبحانه: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً {النحل:97}، وقال سبحانه: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى {طه:123}، وجعل أضداد هذه من الهم والحزن والضيق واليأس والكآبة في التفريط في الطاعة وفعل المعصية، فما يجده الإنسان من هم وغم وضيق في الصدر ونكد في العيش، فإن هذا غالبا ما يكون ثمرة من ثمرات المعاصي النكدة ونتاج من نتاجها المر، قال الله سبحانه: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا * وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:124}، . وقال الله سبحانه: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى:30}، يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتاب الجواب الكافي وهو يبين آثار المعاصي: ومنها: وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله جل وعلا، ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لم تف بتلك الوحشة، وهذا أمر لا يحس به إلا من في قلبه حياة، وما لجرح بميت إيلام، وليس على القلب أمرُّ من وحشة الذنب على الذنب فالله المستعان، ومنها: الوحشة التي تحصل له بينه وبين الناس ولاسيما أهل الخير منهم، فإنه يجد وحشة بينه وبينهم، وكلما قويت تلك الوحشة بعد منهم ومن مجالستهم وحرم بركة الانتفاع بهم، وقرب من حزب الشيطان بقدر ما بعد من حزب الرحمن، وتقوى هذه الوحشة حتى تستحكم فتقع بينه وبين امرأته وولده وأقاربه وبينه وبين نفسه، فتراه مستوحشا من نفسه، وقال بعض السلف: إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي، ومنها: تعسير أموره عليه فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقا دونه أو متعسرا عليه، وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا، فمن عطل التقوى جعل الله له من أمره عسرا. انتهى بتصرف.
فوصيتنا لك الصدق مع الله في إرادة التوبة، والجد والعزم في الإقدام عليها، واتخاذ كل الأسباب التي تعينك على الثبات على طريق الهداية، واجتناب سبل الضلال والغواية، ونحيلك على بعض الفتاوى التي فيها توجيهات مفيدة بهذا الصدد، ومنها الفتاوى التالية أرقامها: 10800، 12744، 12928. وبخصوص الخوف من الموت راجعي الفتوى رقم: 115150.
ويمكنك ـ عند الحاجة ـ التواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا على الرابط التالي:
http://consult.islamweb.net/consult/index.php?page=listing&pid=3132
هدانا الله وإياك صراطه المستقيم وثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة، إن ربنا قريب مجيب.
والله أعلم.